بقلم المهندس ابراهيم آل كلثم الصيعري
يقوم بعض الأشخاص بتقييم الأمور من منظور محدود وغير شامل، إما بسبب عدم اكتمال المشهد أو نقص المعلومات المتاحة لديهم، مما يؤدي إلى أحكامهم التي قد تكون بعيدة عن الصواب.
أود أن أستشهد بمثال قد يكون قد واجهه الكثيرون، وقد مررت به شخصياً عدة مرات. عندما أكون جالساً في السيارة أو الحافلة وألاحظ أنها بدأت تتحرك، إذا كنت في مقعد السائق، أجد نفسي أضغط على المكابح لوقف الحركة. وبعد لحظات، يتضح لي أن السيارة المجاورة هي التي تتحرك. كيف حدث ذلك؟ ببساطة، السبب هو أن العين لم ترَ سوى الحركة النسبية بين السيارتين، فترجمها العقل على هذا النحو. ولكن عندما تتسع زاوية الرؤية لتشمل ما حول السيارة من أرض ومباني، تتضح الحقيقة للعقل.
في سياق متصل، بينما كنت أعد لهذه المقالة، وصلني مقطع تمثيلي لأحد الفلاحين من شرق آسيا وهو يسير على الطريق. بينما كان يتأمل سيارة متوقفة على جانب الطريق، بدأت السيارة تتدحرج. حاول الفلاح إيقافها بكل ما أوتي من قوة، لكن دون جدوى. فتلفت حوله بحثًا عن شيء يضعه أمام عجلات السيارة لإيقاف تدحرجها، وعندما رأى بعض الحجارة، وضع بعضها أمام العجلات فتوقفت السيارة. شعر براحة نفس كبيرة بسبب عمله الطيب واستأنف مسيره. لكن ما إن مر من خلف السيارة حتى رأى رجلين يحاولان عبثًا دفع السيارة للأمام دون جدوى، إذ لم تتحرك بسبب الحجارة التي وضعها الفلاح.
العبرة هنا تكمن في الوقوع في حكم خاطئ نتيجة النظرة الجزئية غير الشاملة، ولا شك أن الحكم على الأمور يعتمد على تصورها بشكل كامل.