أيمن طبيقي- جازان
“وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ” (صدق الله العظيم).
أتساءل: هل هو اكتمال العقل، أم النضج، أم الوعي المكرّم الذي منحه لنا ديننا الحنيف لتحقيق الكمال المطلق؟ كثيرًا ما تقودني هذه التساؤلات إلى لحظات تأمل صادقة، أكثر عقلانية، أنظر فيها إلى الماضي وأتفحص تصرفاتي ومواقفي. تلك المواقف التي كنت أراها حقيقية، لكنها في بعض الأحيان لا تعدو كونها همزات شيطانية أو أضغاث أحلام. كنت أظن أن ردود أفعالي موفقة، طبيعية، تتماشى مع المقولة الشهيرة “المعاملة بالمثل”، حتى بلغت الأربعين.
الآن، لا أبالي بأي شيء سوى راحة بالي ورضا الله سبحانه وتعالى. ضيّقت دائرة الأصدقاء حتى أصبحت شبه معدومة، لا تكاد تُرى بالعين المجردة. أصبحت ألتمس العذر للجميع تسعًا وتسعين مرة، وأطلب العفو والمغفرة من الله تعالى. أصبح دعائي الملحّ الآن هو طلب العون من الله في صلاح الأبناء وتوفيقهم. باتت حياتي تميل إلى الاتزان والهدوء أكثر من ذي قبل.
فهل يلعب السن دورًا كبيرًا في هذا التغيير؟ أم أنها سكينة القلب والروح التي أكرمنا بها الإسلام، فملأت أجسادنا بالدوبامين والسيروتونين؟ كثيرة هي المواقف، وكثيرة هي العبرات، لكن الله يهذبنا في تعاملاتنا، ويعلمنا كيف تنعكس علينا بالإيجاب. القرآن الكريم يوضح لنا في مواضع كثيرة طريقة التصرف وردود الفعل، متبعًا أخلاق رسولنا الكريم محمد بن عبد الله، صلوات ربي وسلامه عليه.
أيقنت أن ردود الأفعال قد تكون قاسية أحيانًا مع من تعمد الإساءة والأذى، لكن تأكدت أن الله أمرنا بالتسبيح والسجود وترك الأمر له. فهو القوي العزيز الجبار المتكبر المتعال، بيده الكون وما تعلمون وما لا تعلمون، وهو مجيب الدعاء، انه الله جل جلاله العدل الحق.
*أيمن طبيقي*
*صبيحة السادس من شوال ١٤٤٦هجرية*