الرئيسية مقالات تأملات أبوية | الأب

تأملات أبوية | الأب

16
0

بقلم / حارث بن علي العسيري :مكة المكرمة:-

 

الأب ليس حكاية تُروى،

 

ولا صورة تُعلّق،

 

ولا جملة تُكتب في المناسبات.

 

الأب حالة مستمرة،

 

تشبه الجدار الذي نستند عليه

 

ولا نسأل ممَّ بُني.

 

الأب لا يتقدّم الصفوف،

 

بل يقف خلفها،

 

يدفع الحياة بكتفيه

 

كي تمرّ بسلام على أبنائه.

 

لا يتكلم كثيرًا عن الخوف،

 

لكنه يعرفه جيدًا،

 

ولا يشتكي من التعب،

 

لأنه قرر منذ البداية

 

أن يكون التعب جزءًا من دوره.

 

الأب لا يعيش كما يريد،

 

بل كما ينبغي.

 

يقيس الأيام

 

بعدد المرات التي عاد فيها أولاده سالمين،

 

ويحسب النجاح

 

بقدرتهم على الوقوف وحدهم

 

دون أن يسقطوا.

 

نحن لا نعرف كم مرة انكسر الأب في داخله،

 

ولا كم حلمًا دفنه بهدوء،

 

ولا كم طريقًا اختار غيره

 

لأن الطريق الذي يحبه

 

لا يمرّ بأمان على أبنائه.

 

الأب لا يطلب أن يُفهم،

 

ولا ينتظر أن يُصفّق له أحد،

 

يكفيه أن يرى الحياة

 

تتقدم خطوة أمام أولاده.

 

وحين يغيب الأب…

 

لا يترك فراغًا فقط،

 

بل يترك مسؤولية ثقيلة

 

اسمها:

 

أن نكون كما كان.

 

أن نحمل دون أن نضجّر،

 

أن نعطي دون أن نعدّ،

 

أن نقاتل دون أن نُكثر الكلام.

 

رحم الله الآباء

 

الذين عاشوا واقفين

 

ورحلوا بهدوء،

 

وتركوا فينا

 

أثرًا لا يُمحى،

 

ومعيارًا لا ينخفض