اللواء. محمد فريح الحارثي
تبوأ المملكة العربية السعودية مكانة محورية وثقلاً سياسيًا واقتصاديًا مرموقًا على الصعيدين الإقليمي والدولي وهو ما يخولها القيام بدور فاعل ومؤثر في إنهاء الخلافات وتسوية النزاعات التي قد تنشأ بين الدول.
وانطلاقًا من مسؤوليتها التاريخية والتزامها الراسخ بمبادئ حسن الجوار والسلام العالمي لم تتوانَ المملكة يومًا عن بذل الجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وفي هذا السياق تبرز أهمية الاتصالات السعودية المبكرة التي بدأها صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود وزير الخارجية بين جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية الهند.
فمنذ اللحظات الأولى لتصاعد التوترات بين البلدين الجارين استشعرت المملكة خطورة الوضع وسارعت إلى التحرك دبلوماسيًا مُطلقةً سلسلة من الاتصالات المكثفة مع القيادات في إسلام آباد ونيودلهي حيث كان لهذه الاتصالات دور فاعل ومؤثر في دفع الطرفين إلى التحلي بأعلى درجات ضبط النفس وتغليب لغة الحوار والعقلانية.
وتأكيدًا على حرصها الصادق على احتواء الأزمة كانت المملكة العربية السعودية الدولة الوحيدة التي بادرت بإيفاد مبعوث خاص رفيع المستوى لزيارة كلا البلدين والالتقاء بالقيادتين السياسيتين حيث حمل المبعوث رسائل واضحة تدعو إلى تغليب صوت الحكمة وتجنب الانزلاق إلى هاوية الصراع العسكري مُشددًا على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وقد تكللت هذه الجهود ولله الحمد بالنجاح حيث أعلن البلدان عن إنهاء التصعيد العسكري والالتزام بالتهدئة مما جنّب المنطقة والعالم خطرًا محدقًا.
ولقد كان لإعلان كل من باكستان والهند عن تقديرهما العميق للدور المحوري والأساسي الذي لعبته المملكة العربية السعودية في جهود خفض التصعيد بين الجانبين دلالة بالغة الأهمية تؤكد على الدور المحوري والثقل السعودي الحاسم في نزع فتيل الأزمات وتجنيب العالم خطر نشوب حروب مدمرة خاصة بين دولتين نوويتين.
إن هذا النجاح الدبلوماسي السعودي يعكس بحق مكانة المملكة كصانعة سلام موثوقة وشريكًا دوليًا مسؤولًا يسعى دائمًا إلى تحقيق الأمن والاستقرار للجميع.
علاوة على ذلك فقد ساهمت الجهود السعودية بشكل فعال جنبًا إلى جنب مع الوساطة الأمريكية في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم الإعلان عنه في العاشر من مايو 2025 وبدأ سريانه في تمام الساعة الخامسة مساءً بتوقيت الهند (الحادية عشرة والنصف صباحًا بتوقيت غرينتش). ويعكس هذا التنسيق والتعاون الدولي الإدراك المشترك لأهمية العمل الجماعي لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
ختاماً
إن الدور الذي قامت به المملكة العربية السعودية في احتواء الأزمة بين باكستان والهند يمثل نموذجًا يُحتذى به في الدبلوماسية الوقائية وصناعة السلام ويؤكد هذا الدور على أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين تظل ركنًا أساسيًا في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي ومصدرًا للأمل في عالم يسعى دائمًا نحو السلام ودام عز السعودية