الرئيسية مقالات حضارة البناء

حضارة البناء

340
0

 

عبدالعزيز الحسن

الحضارة الحقّة لا تُبنى بالحجارة وحدها، بل تُشيّد بأسسٍ راسخة من الإيمان والقيم، وبمبادئ إنسانية واجتماعية، وبمعايير ثقافية وسياسية سامية، تُرسّخ نهضة شاملة يتعاون فيها الجميع وتتعاضد بها الأمم.

أمّا حضارة الهدم، فهي قائمة على الصراع والعداء، وعلى التفرقة والعنصرية، حيث يضرب الأخ أخاه، وتتحوّل القلوب إلى ساحات قتال، واللسان إلى سهام مسمومة.

وقد يرمونك بالتهم ليستروا عيوبهم، كمن يطفئ نور المصباح ليخفي ظلّه، فيغدو زيفهم فضيحة لا تخفى. فلا تدع صدى كلماتهم يربك صفاءك، فإن الأكاذيب لا تغيّر الحقائق، والأنوار لا تنطفئ بزفرات دخان.

اعلم أن ما ينسبونه إليك هو انعكاس ما يسكن قلوبهم، فامضِ واثقًا بأن نقاءك أعمق من شوائبهم، وأنك لا تُقاس بألسنة تلوك الظنون. دعهم يلوّنون صورتك بما شاءوا، فالأرواح الصافية لا تتلطّخ بألوان زائفة، والحقائق المشرقة لا تحتاج إلى صراخ لتثبت وجودها.

ليتحدثوا عنك كما يشاؤون، ولتتحدث أفعالك كما يشاء الحق، فالقوة الحقيقية أن تحيا بلا حقد، وأن تدع الزمن يكشف الزيف ويعرّي الأقنعة. لا تنشغل بمطاردة كل سهم، بل ارتفع فوقها كطائرٍ لا تبلغه السهام.

إن براءتك حائطك، وصدقك درعك، ونقاء نيتك عزّك. وفي نهاية المطاف، من يرمي الظلال على غيره، إنما يكشف عتمته قبل أن يمسّ نور الآخرين.

فالأكثر نقدًا…

هم الأكثر نقصًا.

وجمعة جامعة بالخير والبركات

عبدالعزيز الحسن

🌿