✒️ ياسر الحلوي ‐ جازان
أكتب لمن لم يلتفت يومًا إلى همسات قلمي، ولمن ترك في داخلي فراغًا أكبر من قدرة الصمت على احتماله. أكتب لمن غاب وبقي أثره، وكأن حضوره لم يكن سوى بداية لغيابه الطويل.
أكتب لمن لا يعرف أن الحروف حين تسيل على الورق لا تكون مجرد كلمات، بل محاولات خجولة لترميم كسور الروح. أكتب له لا لأجل أن يقرأ، بل لأجل أن أجدني في انعكاس الحبر، وأستعيد ما تبقى من ملامحي الضائعة بين الأمس واليوم.
لكنني حين أكتب، لا أكتب عن الغياب وحده، بل عن الضوء الذي يتسلل رغم العتمة. أكتب عن لحظة صدقٍ تولد فجأة فتزيح حزنًا عمره سنوات، وعن ابتسامة عابرة تُعيد للقلب إيمانه بأن الغد أجمل.
أكتب لأن الكتابة نافذتي التي أطل منها على عالم لا يخذلني، على فضاء لا يخون، على صمتٍ يتسع لي كما أنا دون رتوش. أكتب لأغرس بين السطور بذورًا من رجاء، عسى أن تزهر يومًا وتمنحني ربيعًا لم أعشه بعد.
أكتب لمن… وربما في العمق، أكتب لي. أكتب لأقول لنفسي إن الحياة لا تتوقف عند غياب، ولا تنتهي عند خسارة، وإن الكتابة قادرة أن تجعلني أُولد من جديد كلما حسبت أنني انتهيت.
“أكتب لأحيا… ولأن الحروف وحدها تعرف كيف تعيدني إلى نفسي.”






