الأعلامي/ خضران الزهراني
: الجمال لغة كونية تنطق بها مخلوقات الله، وتجسيد لإبداع الخالق في تصوير الإنسان وتكوينه. فهو لا يقتصر على المظهر الخارجي، بل يمتد ليشمل جوهر الإنسان وطباعه وصفاته. فهناك جمال الخِلقة، وهو الجمال الحسي الذي تراه العيون وتدركه الأبصار، حيث أبدع الله في تصوير الإنسان في أحسن تقويم، وجعل لكل فرد ملامحه الفريدة التي تميزه عن غيره، ليكون في ذاته لوحة فنية من صنع الخالق العظيم.
ولكن الجمال الحقيقي لا يكتمل إلا بجمال الخُلُق، فهو الزينة الحقيقية التي ترفع من قيمة الإنسان وتزيد من بهائه. فحسن التعامل، والصدق، والتواضع، ولين القلب، كلها صفات تضفي على صاحبها نورًا داخليًا ينعكس على ملامحه، فيبدو أكثر إشراقًا وجاذبية، حتى وإن لم يكن الأجمل خِلقة. وهذا ما أكده النبي محمد ﷺ حين قال: “إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا”، فالأخلاق هي التي تمنح الإنسان مكانته الحقيقية في قلوب الآخرين.
أما جمال الروح، فهو أسمى مراتب الجمال، لأنه ينبع من الداخل ويشع على الخارج. إنه الصفاء الداخلي، والإيمان العميق، والنقاء الذي يجعل الإنسان محبوبًا دون تكلّف، وهادئًا رغم تقلبات الحياة. إنه ذلك الجمال الذي يترك أثرًا في النفوس، ويبعث الطمأنينة في القلوب، ويجعل صاحبه محط احترام وإعجاب، حتى وإن لم يمتلك ملامح ملفتة أو ثروة طائلة.
وحين يجتمع جمال الخِلقة، وجمال الخُلُق، وجمال الروح في شخص واحد، فإنه يكون نورًا لمن حوله، وسراجًا يضيء دروب الآخرين، قدوة يُحتذى بها، وإنسانًا تذكره الألسن بخير حتى بعد رحيله. فسبحان من خلق الإنسان فأحسن خلقه، وجعل لكل واحدٍ جماله الذي يليق به، ووهب البشرية تنوعًا يجعل من كل شخص تحفة فريدة بصفات خاصة تميزه عن غيره.
فالجمال الحقيقي لا يُقاس بالمظهر وحده، بل هو مزيج متكامل من الصفات الظاهرة والباطنة، وهو انعكاس لإبداع الخالق في خلقه وتكوينه، فسبحان من أبدع وصوّر، وأحسن كل شيء خلقه.