الرئيسية مقالات الصقر والخيل… عشق يلامس السماء ويفتن الأرض

الصقر والخيل… عشق يلامس السماء ويفتن الأرض

67
0

 

🖋️: بقلم الإعلامي/ خضران الزهراني

في فضاء العشق المتجذر في التاريخ، حيث تنساب مشاعر الفخر والكبرياء كأنها نسائم تحمل أهازيج المجد، يولد الحب بين الصقر وخياله، وبين الخيل وفارسها. هناك، حيث الأفق يفتح ذراعيه للأجنحة الحرة، وحيث الأرض تتزين بخطوات الجياد الأصيلة، تتراقص الحكايات، وتُنسج القصائد، وتُسطر أجمل معاني العشق الذي لا يخضع لزمان ولا لمكان.

الصقر والخيل… رمزان للحب الذي لا يقبل القيود، للعزة التي لا تنحني، وللارتباط الذي لا يعرف سوى لغة الوفاء. كلاهما يعيش ليحلق، أحدهما في السماء، والآخر على وجه الأرض، لكن روحيهما تلتقيان في منتصف المسافة، كعاشقين تفصل بينهما المسافات، لكنهما يتوحدان في الإحساس.

الصقر… عشيق السماء وسيد العزة

هو ليس مجرد طائر، بل قصيدة من شموخ، عاشق لا يرضى إلا بالقمم، مغامر يغازل الشمس بجناحين لا يعرفان الاستسلام. ينقض على فريسته بعينين ثاقبتين، كأنما يختصر في لحظته تلك كل دروس القوة والجرأة. لكنه رغم وحشته، لا ينسى قلبه الذي ينبض لمن ربّاه صغيرًا، لمن اعتاد صوته ولمس يده، ولمن منحه حرية لا تتعارض مع الحب.

الصقر لا يعود إلى من يضعه في قفص، لكنه يعود إلى يد تعرف كيف تطلقه ليحلق، يد تعلم أن الحب ليس امتلاكًا، بل مشاركة في العلوّ. وهكذا، قيل: “الصقر من صقارها”، لأن العشق ليس للكل، بل لمن يدرك معناه، لمن يفهم أن القوة لا تلغي الحنان، وأن الهيبة لا تتنافى مع الإخلاص.

الخيل… روح الفارس وعاشقة الأرض

أما الخيل، فهي رواية كتبها الزمن بحروف العزة والولاء، أسطورة تهمس للأرض بحبها مع كل خطوة، وتعزف أنشودة الوفاء بصهيلها العذب. ليست مجرد دابة، بل كيان يفيض نبلاً، وقلب يعرف معاني الصداقة كما يعرفها العشاق الحقيقيون.

تعانق الريح بشعرها المتطاير، وتمضي في دربها بثقة، تعلم أن فارسها ليس مجرد راكب، بل روح تتحد معها، يبادلها الأمان، ويفهم صمتها قبل أن يفهم صهيلها. لا تمنح الخيل ثقتها لمن لا يستحق، ولا تذعن لمن لم يُحسن إليها، فهي كالقلب العاشق، تعطي بلا حدود، لكنها لا تقبل الإهانة، ولا تتبع إلا من يشعر بها. وهنا قيل: “الخيل من خيالها”، لأن الفروسية ليست مجرد مهارة، بل إحساس عميق، تمامًا كما أن الحب ليس مجرد كلمات، بل روح تسكن بين الضلوع.

بين الصقر والخيل… دروس في الحب والعزة

الصقر والخيل… معلمان في مدرسة العشق، يخبراننا أن الحب الحقيقي لا يُفرض، بل يُمنح، أن الثقة ليست هبة، بل تُكتسب، وأن الولاء لا يُباع، بل هو نبض يتجدد مع الأيام. الصقر يعلمنا أن الحب ليس قيدًا، بل جناحًا يجعل من نحب قادرًا على التحليق، وأن الغياب لا يعني الخيانة، بل هو مساحة للحلم بالعودة. أما الخيل، فتعلمنا أن العشق لا يُقاس بالكلمات، بل بالفعل، وأن من يحبك بحق، لن يخذلك مهما اشتدت الرياح.

فكن كالصقر، حرًا في حبك، شامخًا رغم كل العواصف، لا تهبط إلا لمن يعرف قيمتك. وكن كالحصان الأصيل، تمنح حبك بكرامة، وتعطي قلبك لمن يستحقه، دون خوف من الرحيل. ففي نهاية المطاف، لا شيء يضاهي حبًا يشبه الصقر في شموخه، والخيل في وفائها… حبٌ يحلق في السماء، لكنه دائمًا يجد طريقه للعودة إلى موطنه.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا