منصور قريشي :مكة المكرمة :-
ام المصلين لصلاة الجمعة بالمسجد الحرام اليوم فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط – إمام وخطيب المسجد الحرام
وكانت خطبة الجمعة بعنوان :(إستقبال شهر رمضان وحفظ اللسان)
واكد فضيلته بأن آفات اللسان وأَوْضارُه هي من أعظم ما يُخْشى ضررُه، وتُحذَر عاقبَتُه؛ إذ بِها يَعْظُم الخَطْب، ويُحْدِق الخطَر، ويعُمُّ البلاء، وتستحكِمُ العلل، ويعزُّ الدّواء، فيعسر البُرْء، وقد يتبدَّدُ الأملَ بعد ذلك في الشفاء.
وحَرِيٌّ بأولي الألباب – وقد أظلَّهم زمانُ هذا الشّهر العظيم- أن يُحسِنوا استقبالَه، ويُكرِموا وِفادَتَه؛ بالتشمير عن سَواعد الجِدِّ في استباق الخيرات، وعَقدِ العَزْمِ على اغْتِنامِ فُرْصَتِه. كما ان منافع الصيام وجميل آثاره تربو عن الحَصْر، وتجِلُّ عن العَدّ، غير أن الأثر البيِّنَ لهذه الفريضة المباركة في ترويض الألسنة الجامحة، وتقويمها وتطهيرها من منكر القول ومقبوح الحديث، لتتحقق بها صفة المؤمن الكامل.
وعلى المسلم أن يذكر أن تلَوُّثَ الألسنة بأرجاس السوء في حال الصيام أعظمُ قُبْحا، وأشدُّ نُكرًا، وآكدُ حُرْمة، ولذا جاء التوجيه النبوي بالتحذير من ذلك؛ بقوله ﷺ في الحديث المتفق عليه: «الصيام جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم لا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتَله فليقل: إني صائم، إني صائم».
وفريضة الصيام فرصة كبرى لاعتياد مجاهدة النفس وكفّ الألسن عن السوء، واعتماد هذه التزكية يأخذ بها المسلم نفسَه في أيّام هذا الشهر ولياليه، ويحثُّ إخوانه على الأخذ بها، رفيقًا بهم، غيرَ معنِّفٍ لهم، لتكون عدّةً وزادًا لهم في مستقبل الأيام، وآية بيِّنة على بلوغ الصوم غايته في تحقيق التقوى.
والصوم ينبِّهُ في الصّائِمِ ما كَمَن من عواطِف الخير، وملَكات التكمُّل، ويتَّجِهُ به نحو مسلكٍ تقبُح فيه نفسُه الأمَّارة بالسوء، وتُلْجَم فيه خلالُ الشّرِّ ومظاهر الإثم ودوافع الرذيلة، فلا يصخب، ولا يشتم، ولا يُماري؛ إن هيض جَناحُه، أو نِيلَ منه، أو تُعُدِّيَ عليه.
والصبر وقوّة العزيمة والتضحية في سبيل القيام بالواجب، والشفقة والعطف والمواساة، والشعور بحاجة المضطر، وغير ذلك من خلال الخير وخِصال الحمد؛ من روافد الصوم، بل هي عمادُه ونقطة الارتِكاز فيه.