الإعلامي/ خضران الزهراني
ها نحن نصل إلى آخر ليلة من رمضان، نقف على عتبة الفراق، نودّع شهرًا كان ضيفًا عزيزًا حلّ علينا، فأنار دروبنا بنفحاته الإيمانية، وملأ قلوبنا سكينة وطمأنينة. نشعر اليوم بمزيج من المشاعر المتناقضة؛ فرحة العيد تلوح في الأفق، لكنها تمتزج بحزن الفراق لشهرٍ كنا نرتوي من بركاته، ونستنشق فيه نسائم الرحمة والمغفرة.
رمضان الذي كنا نعد أيامه بلهفة، ونسابق لحظاته بالطاعات، ها هو اليوم يودّعنا، وقد شهدت لياليه تهجد الداعين، وركوع الخاشعين، ودموع التائبين. رحل عنا وكأنما كان بالأمس يطرق أبوابنا، فأيّام الطاعة تمضي سريعًا، وكأنها نسمة عابرة لا تلبث أن تغادر، لكنها تترك أثرًا عميقًا في القلوب.
كم من يدٍ رُفعت بالدعاء في هذا الشهر المبارك؟ كم من قلبٍ عاد إلى الله بعد طول غفلة؟ كم من نفسٍ تنفست الصيام إيمانًا واحتسابًا؟ وكم من دمعة سكبت في ظلمة الليل رجاءً لرحمة الله؟ تلك اللحظات لا تُشترى، ولا تُعوّض، ولكننا نرجو أن تكون قد كُتبت لنا في صحائف القبول، ورفعنا بها درجات في ميزان الطاعات.
وفي هذه الليلة المباركة، نرفع أكفّنا بالدعاء، أن يكون رمضان شاهدًا لنا لا علينا، أن يكون قد غسل أوزارنا، ونقّى أرواحنا، وجعلنا أقرب إلى الله، وأن يبلغنا إياه أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، ونحن في أتم الصحة والعافية.
اللهم لا تجعل رمضان يمضي إلا وقد غفرت ذنوبنا، وسترت عيوبنا، وبدّلت سيئاتنا حسنات، وكتبت لنا الخير في أيامنا القادمة، اللهم اجعلنا ممن نالوا مغفرتك ورضوانك، ووفقنا للثبات على طاعتك بعد رمضان، فلا نكون من الذين عرفوك في رمضان وجهلوك بعده.
وداعًا رمضان، ولك في القلب مكانٌ لا يُنسى، نسأل الله أن يجمعنا بك في العام القادم، ونحن في حالٍ أفضل، وقربٍ أشدّ، وشوقٍ أعظم.