الرئيسية محلية رحيل حكيم الصحراء وراصد النجوم: “أبو شرعان”

رحيل حكيم الصحراء وراصد النجوم: “أبو شرعان”

38
0

 

الإعلامي/ خضران الزهراني/ الباحة

في أعماق بادية حائل، وعلى رمالها الذهبية، وُلد عام 1929 فلكي فذ، عُرف لاحقًا بـ”أبو شرعان”، الذي اختار أن ينسج حياته بين خيمة منصوبة تحت نجوم السماء، وقطيع أغنامه، متأملاً حركة الأفلاك، ومدونًا تغيرات المناخ، متلمسًا علاقة النجوم بالفصول وأحوال المطر والحر والبرد.

على مدى مسيرة فلكية طويلة قاربت القرن، أفنى “أبو شرعان” عمره في مراقبة السماء، وتدوين ظواهرها، حتى راكم إرثًا علميًا فريدًا جمع بين رصد دقيق ومعرفة تقليدية أصيلة، وأصبح واحدًا من أبرز المراجع في علوم الطوالع والفصول لدى أهل البادية ومحبي الفلك.

لم يكن علمه محصورًا بينه وبين السماء وحدها، بل امتد أثره إلى أجيال لاحقة، من أبرزهم الخبير الفلكي الدكتور خالد الزعاق، الذي حرص على رثاء معلمه بكلمات نابعة من القلب عبر حسابه على منصة “إكس”، مؤكدًا أن “أبو شرعان” كان ممن نهل منهم علم النجوم في صباه، حين كان يتردد عليه في عمق الصحراء، متلهفًا لاستكشاف هذا العالم الرحب.

وأكد الدكتور الزعاق أن الراحل “أبو شرعان” لم يكن معلمًا للفلك فقط، بل كان معلمًا للأدب الجم والكرم الأصيل، فقد كان نقي السجايا، كريم الخلق، واسع الصدر، وافر العلم. وكان حضوره يفيض نقاءً، وعلمه يمنح معرفةً لا تقدر بثمن.

ومع فقد “أبو شرعان”، ترجل فارس من فرسان الصحراء، وغاب نجم من نجوم الحكمة والمعرفة، لكن أثره سيظل خالدًا، يرويه تلامذته، وتذكره الصحراء والسماء التي كان يؤنسها بأنفاسه وتأملاته.

وفي هذا المصاب الجلل، نسأل الله الكريم، رب العرش العظيم، أن يتغمد الفلكي الراحل “أبو شرعان” بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويجزيه خير الجزاء على ما قدم من علم نافع وأخلاق كريمة.
اللهم اجعل علمه شافعًا له، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وارفع درجته في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
اللهم ألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان، وأجمعنا به في مستقر رحمتك،
إنا لله وإنا إليه راجعون.