اللواء محمد فريح الحارثي
تكريم خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان حفظه الله، بوسام الملك عبد العزيز للمواطنة عديلة بنت مصطفى إبراهيم الجهني، يعتبر لفتة أبوية كريمة تجسد أسمى معاني التقدير والعرفان تقديراً لعطائها الإنساني النبيل كأول من تبرع بالأعضاء في المملكة العربية السعودية، كما يمثل هذا التكريم تأكيد إهتمامه على تقدير المساهمات الإنسانية التي تجسد أروع صور التضحية في مجتمعنا السعودي
وتجسد حرصه الكريم على تقدير المساهمات الإنسانية النبيلة، التي تؤكد قيمة العمل الخيري في مجتمعنا.
فهذا التكريم ليس مجرد تقدير لشخصية بذلت جزءاً غالياً من جسدها، بل هو ابراز لقيمة العمل الخيري وأثره العميق في تخفيف معاناة الآخرين وتعزيز روح التكافل والتراحم الاجتماعي.
كما إن خروج قصة المواطنة عديلة شقيقة اللواء الدكتور محمد مصطفى الجهني التي تبرعت بكليتها لشقيقتها منذ أكثر من أربعون عام، في عصرنا الحاضر تحمل في طياتها معاني الإيثار (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) التي ينتظرها الكثيرون ففي لحظة فارقة من حياتها، لم تتردد في التبرع لشقيقتها التي كانت تعاني من وطأة المرض الكلوي، وذلك بعد أن حالت الظروف دون تطابق أنسجة بقية أفراد الأسرة. ولم تفكر عديلة في حجم التضحية أو تبعاتها المحتملة، بل كان نصب عينيها إنقاذ حياة شقيقتها، وهو الدافع الأسمى الذي تغلب على كل المخاوف والاعتراضات، حتى تلك التي المخاوف التي صدرت من والدتها في زمن لم يكن فيه ثقافة إجراء نقل الأعضاء شائعاً أو معروفاً على نطاق واسع في المملكة.
وبعد مرور ستة وأربعين عاماً على تلك التجربة الملهمة، تقف المواطنة السعودية عديلة شامخة لتؤكد للعالم أجمع أن قرارها لم يؤثر على جودة حياتها أو صحتها، بل على العكس، كان وما زال مصدر سعادة غامرة وشعور عميق بالرضا في احياء الناس جميعا امتثالا لقوله سبحانه {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.ففي كلماتها المؤثرة خلال المؤتمر السعودي للتبرع بالأعضاء، تجدد دعوتها الصادقة لكل من يستطيع إلى الإقدام على هذه الخطوة الإنسانية النبيلة، مشددة على أنها لو عاد بها الزمن لاتخذت القرار نفسه دون تردد، لإحياء الناس جميعا فما قدمته هو جزء من جسدها لشقيقتها، وهذا في حد ذاته “مصدر سعادة لا توصف”.
إن إقامة هذا المؤتمر كان له رسالة سامية في إبراز تكريم وتتويج خادم الحرمين الشريفين للعمل الانساني، وابراز قصة عديلة الصادقة والملهمة، وكان له دور في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء للعلم اجمع
حيث ان التكريم الملكي للقصة (السعودية عديلة) رسالة واضحة تؤكد أن العطاء الإنساني، مهما بدا بسيطاً في نظر البعض، يحمل في طياته قوة عظيمة قادرة على إنقاذ الأرواح ومنح الأمل للمرضى وعائلاتهم. فقصة عديلة الجهني هي شهادة حية على أن التضحية لا تهدد جودة الحياة، وأن العمل الخيري هو لبنة أساسية في بناء مجتمع متراحم ومتكاتف يسعى لخير أفراده وسلامتهم. فلتكن قصة عديلة نبراساً يضيء دروب الخير والعطاء في مجتمعاتنا العربية والاسلامية والعالمية، ولنجعل من التبرع بالأعضاء ثقافة راسخة تساهم في إنهاء معاناة الكثيرين وتمنحهم فرصة جديدة للحياة.