بقلم:احمد علي بكري
في عالم التكنولوجيا والاكتشافات، كثيرًا ما تكون الصدفة هي شرارة البداية لعظمة لا تُقدّر بثمن. ومن أروع الأمثلة على ذلك هو اختراع جهاز الميكروويف، الذي بدأ كحادثة بسيطة في مختبر، وانتهى كواحد من أعظم الابتكارات التي سهلت حياة الملايين حول العالم.
قصة الاكتشاف بالصدفة المدهشة:
في عام 1945، كان المهندس الأمريكي بيرسي سبنسر يعمل في شركة “رايثيون”، وهي شركة تهتم بتكنولوجيا الرادارات. وأثناء قيامه بتجربة أنبوب يُدعى “الميغاترون” المستخدم في أنظمة الرادار، لاحظ أمرًا غريبًا: لوح الشوكولاتة الذي كان في جيبه بدأ بالذوبان دون أن يتعرض لأي مصدر حرارة ظاهر.
دفعه فضوله العلمي إلى تكرار التجربة مع أنواع أخرى من الأطعمة مثل الفشار والبيض. وكانت النتائج مدهشة! الطعام بدأ بالتسخين والانفجار أحيانًا بسبب ما تصدره موجات الميكروويف من طاقة داخلية تؤثر على جزيئات الماء والدهون داخل الطعام، فتسخنه من الداخل إلى الخارج. وهكذا بدأت رحلة تطوير أول فرن ميكروويف في العالم.
من جهاز ضخم إلى رفيق يومي في المطبخ:
في البداية، كان أول جهاز ميكروويف ضخمًا جدًا ويزن أكثر من 300 كغ، ويُستخدم في المطاعم أو المرافق الصناعية. لكن مع تطور التكنولوجيا وتصغير المكونات، أصبح الميكروويف جزءًا لا يتجزأ من كل بيت تقريبًا، يُستخدم لتسخين الطعام، طهي الوجبات السريعة، وحتى تعقيم بعض الأدوات المنزلية.
لماذا يُعد الميكروويف من أعظم الاختراعات؟
توفير الوقت والجهد: لا حاجة لتسخين الفرن أو استخدام الغاز، فقط بضع دقائق ويصبح الطعام جاهزًا.
أمان أكبر: لا لهب مكشوف، ولا مخاطر احتراق كما هو الحال في الأفران التقليدية.
تقليل استهلاك الطاقة: يستهلك طاقة أقل عند تسخين كميات صغيرة من الطعام.
تعدد الاستخدامات: من طهي وتسخين إلى إذابة التجميد بسرعة.
لكن… هل الميكروويف آمن تمامًا؟
رغم فوائده العديدة، لا يخلو استخدام الميكروويف من بعض المخاطر والتحذيرات، وأبرزها:
عدم استخدام أواني معدنية داخل الميكروويف، لأن المعدن يعكس الموجات وقد يسبب شررًا أو حتى حريقًا.
عدم تسخين الطعام المغلق بإحكام (مثل البيض غير المقشر أو الأوعية المغلقة) لأنه قد ينفجر بسبب الضغط.
التسخين غير المتساوي قد يترك بعض مناطق الطعام باردة أو غير مطهية جيدًا، مما يُشكل خطرًا صحيًا.
بعض أنواع البلاستيك قد تطلق مواد كيميائية ضارة عند تسخينها، لذا يُفضل استخدام أوعية آمنة للميكروويف.
نصائح للاستخدام الآمن والفعال:
استخدم أواني زجاجية أو سيراميكية مخصصة للميكروويف.
قسّم الطعام لقطع صغيرة لتسخين متساوٍ.
غطِّ الطعام بغطاء خاص بالميكروويف لتقليل البقع وتنظيم البخار.
لا تشغّل الميكروويف وهو فارغ.
راقب الأطفال عند استخدام الجهاز.
خاتمة:
من حادثة بسيطة ذابت فيها قطعة شوكولاتة، انطلقت ثورة في عالم المطابخ. الميكروويف ليس مجرد جهاز لتسخين الطعام، بل هو قصة نجاح علمي، ورفيق لا غنى عنه في الحياة اليومية الحديثة. ورغم سهولة استخدامه، يبقى الوعي بأسلوب استعماله الصحيح أمرًا ضروريًا للاستفادة القصوى منه بأمان.
