اللواء. محمد فريح الحارثي
منذ أن أعلن الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه قيام المملكة العربية السعودية على أسس التوحيد والتمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي تتعرض لحملات متواصلة من الهجوم والتشويه. فموقعها الإسلامي الفريد، بما حباها الله به من شرف خدمة الحرمين الشريفين، وثرواتها الاقتصادية الهائلة، وتمسكها الراسخ بعقيدتها، وتماسكها المجتمعي تحت قيادة حكيمة متوارثة، جعلها هدفاً دائماً للحاقدين والحاسدين وأصحاب الأجندات الهدامة. حيث ظهرت عبر العقود “أصوات منكرة”، كما وصفها القرآن الكريم، لا تفتأ تطلق سهام النقد المسموم، تارةً تستهدف القيادة، وتارةً الدولة، وتارةً الشعب، في محاولة يائسة للإثارة والتأليب على المستويات المحلية والإسلامية والعالمية، سعياً لتقويض مكانتها وتشويه إنجازاتها.
فلا يمر إنجاز سعودي كبير، ولا تتحقق طفرة تنموية، ولا يُحقق تميز في تنظيم حدث عالمي إلا وتتعالى تلك الأصوات المنكرة، ناعقة بالباطل، حاقدةً على النجاح، حاسدةً على ما أنعم الله به على هذه البلاد الطاهرة. فنجاح المملكة، بقيادتها وشعبها، هو الضربة القاضية لأعدائها، وكل موجة عداء تُشَن ضدها ليست سوى دليل قاطع على صحة مسيرتها وعلو شأنها.
وما تشهده المملكة كل عام من هجوم يستهدف نجاح موسم الحج فلن تسلم هذا العام من الاستهداف بعد النجاح الباهر لموسم حج 1446هـ. حيث قدمت المملكة نموذجاً عالمياً فريداً في إدارة أكبر تجمّع بشري على وجه الأرض، بتحدياته الهائلة: المتمثلة في طاقة المكان، ومحدودية الزمان ، وتنوع الثقافات واللغات وتحديات الطقس وغيرها من التحديات، التي تغلبت عليها بل تفوقت وأبدعت ومنها نظام لا حج بلا تصريح وانظمة تنظيم الحشود، التي استخدمت فيها أحدث التقنيات لخدمة الحجاج، مما جعلها تحظى بتقدير وإشادة عالمية واسعة من ضيوف الرحمن ومن دول العالم الإسلامي والعالم أجمع، شاكرين لله ثم للجهود السعودية الجبارة والمتميزة.
لكن، وكما هو معروف، ما إن ترتفع كلمات الشكر والثناء حتى ترتفع معها الأصوات المنكرة، تلك التي قال الله عنها: (إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ). التي تسعى بكل حقد وحسد إلى تشويه هذه النعمة العظيمة، وتقليل شأن الإنجاز، ونسج الأكاذيب حول النظام والتنظيم، وسنرى ونسمع محاولات بائسة لطمس الحقائق وتهوين ما تحقق من تقدم وتميز غير مسبوق. وسنسمع اصوات بكاءهم، ونشاز أصواتهم، التي تُعتبر اعتراف ضمني بالنجاح السعودي الباهر الذي اثار حفيظة حقدهم وحسدهم على ما تحقق من تقدم وانجاز .
ان هذا الهجوم المتكرر على إنجازات في مواسم الحج ليس حالة معزولة. فهو يتكرر مع كل قفزة تنموية، وكل مشروع طموح، وكل مبادرة سعودية تؤكد مكانتها الإقليمية والدولية. فهذه الأصوات المنكرة تدرك جيداً أن نجاح المملكة في قيادة وإدارة حدث معقد كالحج بمثل هذه الكفاءة والإتقان هو دليل ساطع على قدرتها الفائقة على إدارة الأزمات وقيادة التحولات وصناعة القرار العالمي. إنها شهادة منهم من حيث لا يعلمون بأن المملكة العربية السعودية، التي سخّرت كل إمكاناتها لخدمة الإسلام والمسلمين في أقدس بقاع الأرض، قادرة أيضاً على لعب دور محوري في تشكيل المستقبل العالمي بثقة واقتدار.
ختاماً
الحمد لله على نعمة العقل والتمكين. لقد فهمت المملكة العربية السعودية، قيادةً وشعباً، أن هذه الأصوات المنكرة ليست دليلاً على ضعفها، بل هي شهادة صدق على قوتها وتميزها وعلوّ مكانتها. ولقد أدركت أن كل مكر يُكاد لها، وكل حقد يُوجه ضدها، لا يزيدها إلا تمسكاً بثوابتها، وإصراراً على نهضتها، وثقةً بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. يقول تعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ). فالملك بيد الله يؤتيه من يشاء، وقد آتاه ولاة امرنا آل سعود، وسخرهم لخدمة دينه وأمن حرمه ورفعة شأن أمته.
والحمد لله أن إستراتيجية المملكة واضحة، وهي المضي قدماً في مسيرة البناء والتنمية والتقدم، مستندة إلى ثوابتها الإسلامية، مستغلةً مواردها بحكمة، معززةً من مكانتها الدولية، غير مبالية بضجيج الحاقدين. فكل هجوم، وكل صوت منكر، هو وقود جديد للإنجاز، ومؤشر إضافي على صحة المسار. وستبقى السعودية، بحول الله، حصناً للإسلام، منارة للحضارة، ونموذجاً للنجاح الذي يغيظ الأعداء، والحمد لله أن نشاز بكائهم، هو دليلاً على سير السعودية على الطريق الصحيح، طريق العزة والتمكين والريادة. فليفعل الحاقدون ما يشاءون، فلن يزيدوا المملكة وقيادتها وشعبها إلا علواً إلى علو، ومجداً إلى مجد،ودام عز السعودية.