الرئيسية المجتمع الكرم الأصيل والهياط المصطنع.. الفرق بين الأصل والتصنع

الكرم الأصيل والهياط المصطنع.. الفرق بين الأصل والتصنع

583
0

 

بقلم: عبدالله القحطاني
رئيس نادي ملتقى المبدعين الثقافي

شهدنا في الآونة الأخيرة خلطًا غير منصف بين الكرم الأصيل، الذي اشتهرت به العرب منذ الجاهلية، وامتدّ حضوره في ثقافتنا الإسلامية والاجتماعية، وبين الهياط المصطنع، الذي لا يمت بصلة للقيم ولا للأخلاق، بل هو سلوك دخيل يمارسه بعض محدثي النعمة ممن غاب عنهم جوهر الكرم الحقيقي.

الكرم صفة نبيلة، وسلوك فطري في أبناء المجتمعات الأصيلة، ينبع من نقاء القلب وسلامة الطوية، ويهدف إلى إكرام الضيف ومساعدة المحتاج وتطييب النفوس، دون انتظار مقابل أو شهرة أو مدح. هو كرم لا يُقاس بعدد الذبائح ولا بفخامة المكان، بل بعفوية العطاء وصدق النية.

أما ما يُعرف بالهياط، فهو مظاهر جوفاء ومبالغات مستفزة، تسعى للفت الأنظار والتفاخر أمام الكاميرات، دون محتوى إنساني حقيقي. فيه يُهدر المال وتُستفز المشاعر، ويُصنع جيل يُقدّس الشكل ويتجاهل المضمون. هو انحراف عن معنى الكرم، بل تشويه له، وتهديد لقيمة اجتماعية أصيلة.

والمؤسف أن بعض الممارسات المتكلفة أصبحت تُروَّج على أنها “كرم”، بينما هي في الحقيقة أقرب للإسراف والرياء، وقد تُؤدي إلى تحقير الكرم الصادق وتغليب الاستعراض عليه. ومن هنا وجب علينا كإعلام ومجتمع، أن نُميّز بوضوح بين الأمرين، وندعو إلى حماية القيم من العبث.

الكرم الأصيل يُرضي الله ويقرّب القلوب، أما الهياط فيُغضب الله ويفرق الناس ويُشوّه صورتنا كمجتمع يحمل إرثًا نبيلًا.
فلنُربي أبناءنا على التفريق بين “العطاء من القلب” و”الصورة من أجل اللايك”، ولنحافظ على القيم كما ورثناها: عطاء بلا مقابل، وسخاء بلا ضجيج.