بقلم : أحمد علي بكري
كنتُ أتابع باهتمام شديد المجهود العلمي الكبير الذي يقوم به الدكتور عيد اليحيى، خاصة من خلال برنامجه الذي قدمه تحت عنوان “على خطى العرب”. منذ بداية هذا البرنامج، جذبني بشكل خاص توجهه العميق والجاد نحو استكشاف تاريخ الجزيرة العربية، وتسليط الضوء على الموروث الحضاري الذي قد يكون غائبًا عن الكثير من الناس. ولكن، على الرغم من أهمية هذا المجهود العلمي، فوجئت بهجوم ممنهج يطال ما يقوم به من اكتشافات وبحوث، وهجوم لم يكن يهدف إلى نقد علمي بناء، بل إلى تشويه الطرح وتشويه السمعة.
لا شك في أن الهدف وراء هذا الهجوم ليس تصحيحًا علميًا للمعلومات، بل يبدو أنه يهدف بشكل أساسي إلى التقليل من شأن المكتشفات العلمية التي يقوم بها العلماء والباحثون السعوديون، ومن بينهم الدكتور عيد اليحيى. ما يتضح هنا هو أن البعض لا يرغبون في الاعتراف بأهمية تلك الاكتشافات العلمية. وليس الهدف من الهجوم هو إظهار أي نقص في فرضيات الدكتور اليحيى، بل هو استهداف مباشر لتحجيم الاعتراف بهذه الاكتشافات، ومحاولة لتشويه الجهود العلمية.
اكتشافات الدكتور عيد اليحيى: رحلة في عمق التاريخ
الدكتور عيد اليحيى قدم في برنامجه عددًا من الاكتشافات الجديدة التي أثارت جدلاً واسعًا بين أوساط المهتمين بالتاريخ، وخاصة تلك المتعلقة بالتاريخ القديم للجزيرة العربية. من أبرز ما توصل إليه:
الخطوط والنقوش القديمة: استطاع الدكتور اليحيى وفريقه اكتشاف العديد من النقوش القديمة في مناطق مختلفة من السعودية، والتي تعود لآلاف السنين. هذه النقوش كانت قديمة للغاية وتمثل جزءًا مهمًا من تاريخ المنطقة العربية قبل الإسلام. تكشف هذه النقوش عن تطور حضاري كبير في المنطقة لم يكن معروفًا من قبل.
شواهد على وجود حضارات قديمة: أظهرت الدراسات التي قام بها الدكتور اليحيى بوضوح أن الجزيرة العربية كانت مهدًا لعدة حضارات قديمة كانت ذات تأثير في المنطقة والعالم. هذه الاكتشافات تتحدى الصورة النمطية التي روجت لها بعض الأوساط حول المنطقة، حيث يُعتقد أن الجزيرة العربية لم تشهد حضارات مهمة قبل الإسلام.
موقع مكة والمدينة في التاريخ القديم: أضاف الدكتور اليحيى أيضًا معلومات علمية جديدة حول موقع مكة المكرمة والمدينة المنورة في تاريخ العالم القديم، وركّز على دور هذه المناطق كأماكن ذات أهمية دينية وثقافية منذ فترات ما قبل الإسلام.
لماذا الهجوم على هذه الدراسة؟
إن الهجوم الذي يواجهه الدكتور عيد اليحيى، وعلى الرغم من إسهاماته العلمية القيمة، يثير الكثير من التساؤلات. هل هناك فعلاً مصلحة في طمس الحقائق التاريخية التي تقدمها هذه الاكتشافات؟ أم أن هناك من يسعى إلى التشكيك في دور الجزيرة العربية في صناعة الحضارات القديمة، وهو ما قد يهدد الرواية التاريخية التي يروج لها بعضهم حول مهد الحضارات وتاريخ المنطقة؟
هناك من يرى في هذه الاكتشافات العلمية تهديدًا لمعتقداتهم السابقة حول تاريخ الجزيرة العربية، فقد كانت الرواية السائدة تقول إن الجزيرة العربية لم تكن تحتوي على حضارات متقدمة قبل الإسلام. إلا أن الاكتشافات التي طرحها الدكتور اليحيى تثبت العكس، مما يثير غضب من لا يرغبون في الاعتراف بتلك الحقائق التاريخية.
هل هناك محاولة لطمس الحقائق؟
يبدو أن هناك حملة منظمة تحاول التقليل من أهمية هذه الاكتشافات، بل إن بعض المحللين يعتقدون أن الهجوم على الدكتور عيد اليحيى ليس مجرد اختلاف علمي، بل هو محاولة لتغييب الحقائق التي تؤكد أن الجزيرة العربية هي مهد العديد من الحضارات القديمة، وهي منطقة ذات أهمية تاريخية كبرى. إذا كان العلماء السعوديون يقدّمون اليوم اكتشافات تدل على تاريخ المنطقة العريق، فإن هذه الحقائق قد تشكك في الرواية السائدة التي تهدف إلى التقليل من هذا الدور التاريخي الكبير.
الجزيرة العربية كانت، ولا تزال، مهدًا للعديد من الأنبياء والحضارات، وكانت ساحة لتلاقح الثقافات وتبادل العلوم على مر العصور. وهذه الاكتشافات العلمية الجديدة ليست إلا شهادة على عراقة هذا التاريخ، الذي يبدو أن بعض القوى قد تحاول طمسه.
الخلاصة
إن الهجوم الذي يتعرض له الدكتور عيد اليحيى وكتاباته واكتشافاته يعكس أزمة في تقبل الحقيقة العلمية التي تكشفها دراساته وأبحاثه. وفي حين أن هناك من يرفض الاعتراف بهذه الحقائق، فإنها تظل جزءًا من التاريخ الذي لا يمكن طمسه أو محوه. الجزيرة العربية كانت وما زالت مهدًا للعديد من الحضارات، ونقطة انطلاق للعديد من الرسالات السماوية، وهذا ما يجب أن نعترف به ونعززه بالتوثيق العلمي الدقيق الذي يقوم به الباحثون السعوديون أمثال الدكتور عيد اليحيى.






