الباحث و المفكر عبدالعزيز الحسن
في زمنٍ تغيّرت فيه الألقاب وتبدّلت فيه الأشكال، ما زالت بعض مظاهر العبودية تتخفّى خلف شعارات الوظيفة، وتُمارس تحت ستار السلطة الإدارية، لتخلق واقعًا محبطًا وظالمًا في بعض بيئات العمل والتطوع على حد سواء.
لقد كانت قيم العمل والتطوع عبر التاريخ مصدرًا للإلهام وبناء الكفاءات وتطوير الذات والتشجيع والمجتمعات،
لكنها اليوم، بعض الجهات، تحوّلت إلى ساحات استغلال وهيمنة وتسلّط، حيث يُقصى المتفانون، ويُهمَّش المبدعون، ويُكافأ الانتهازيون.
الواقع المؤلم للموظفين
والمتطوعين
رغم ما يُبديه الكثير من الموظفين والموظفات من حماسة وشغف للعمل والعطاء، إلا أنهم يُواجهون في المقابل بيئاتٍ سامّة تُمارس بحقهم:
• تهميشًا ممنهجًا
• استغلالًا نفسيًا وماليًا
• ابتزازًا علنيًا ومستترًا
• تطفيشًا متعمدًا لإجبارهم على الرحيل
• ترهيبًا مستمرًا بوسائل غير أخلاقية
بل يصل الأمر ببعض المديرين والمشرفين إلى أن يضعوا أنفسهم موضع “الرب الأعلى” داخل بيئة العمل؛ فلا حوار، ولا نقاش، ولا رأي، بل أوامر تُنفّذ، وتوجيهات تُتّبع، ومن يخالف أو يعترض تبدأ معه مرحلة الاستفزاز، التصيّد، التهديد، والإنذارات، حتى يُدفع للاستقالة تحت الضغط.
المحسوبيات
فوق الكفاءات
في مشهد يتكرّر كثيرًا، تُقدَّم المحسوبيات على الكفاءات، ويُعيّن من لا يستحق، ويُقصى من أفنى عمره في العطاء. بل وصل الحال إلى تفضيل غير السعوديين على السعوديين المحترفين، في قرارات تفتقر إلى الشفافية وتكسر روح العدالة وهكذا تُهدر الطاقات، وتُكسر النفوس، وتُغتال الخبرات الوطنية في صمت مؤلم.
التطوع… حين يتحول إلى فخ للضعفاء
حتى في الأنشطة التطوعية غير الربحية، التي من المفترض أن تكون ساحاتٍ للنبل والارتقاء، نشهد بعض الجهات تُمارس ذات الأساليب المريضة، فتُحبط المتطوعين، وتُطفئ فيهم جذوة الإبداع،
بل وتستغلهم بلا تدريب أو دعم، ثم تُقصيهم بلا شكر أو تقدير.
الخوف يخرس الأصوات…
والفساد يتمدد
يخشى الكثير من الموظفين والمظلومين الاصطدام مع جهات عملهم خوفًا من الانتقام أو التشهير أو قطع الأرزاق. والكارثة أن بعض الجهات حين يُسأل عن أحد موظفيها السابقين تقوم بتشويه سمعته عمدًا، لتغلق عليه أبواب الرزق في المستقبل، في مشهد لا يمت للعدالة ولا للإنسانية بصلة.
دعوة لإنقاذ الكفاءات وحماية البيئة والمجتمع
إن خسارة الوطن للكفاءات والمبدعين نتيجة هذه السلوكيات، تُعد كارثة تنموية إذ كيف نحقّق رؤية 2030 في بيئاتٍ لا تطبّق مبادئ جودة الحياة ولا العدالة ولا التمكين الحقيقي؟
وكيف نرتقي، وبعض الأموال تُهدر، والطاقات تُدفن، والتقييمات تُزور، والكفاءات تُطرد؟
نداء وطني عاجل
من هنا، أدعو بكل صدق إلى:
• تأسيس لجنة عليا سريّة شبيهة بـ “نزاهة”، تُعنى برصد التجاوزات في بيئات العمل العامة والخاصة.
• استقبال الشكاوى بسرية تامة مع حماية مقدّميها.
• تنفيذ زيارات مفاجئة للجهات المشبوهة.
• فرض عقوبات صارمة على كل من يُمارس التسلّط أو الاستعباد الإداري.
• إلزام الجهات بتطبيق القيم الإنسانية وأخلاق العمل مع مكافحة تجارة البشر أو مبدئيا ضمن مهام الأمن المجتمعي ،
الخاتمة//
^^^^^^^
إذا لم يشعر العامل أو المتطوع بالتقدير والعدل والإنصاف فسنخسر ليس فقط الأفراد، بل نخسر القيمة الإنسانية ذاتها.
فلنحمِ الأمانة.
ولنُعد للوظيفة كرامتها.
ولنُعزّز بيئآتنا بالعدالة وليس فقط بالسلطة.
فالوطن لا ينهض إلا بأبنائه… وبقلوبهم النابضة بالعطاء.
جمعة جامعة بالحكمة والرشد وجودة الحكماء ،.






