الرئيسية مقالات الموروث الثقافي الشعبي الجزائري تنوّع يعبّر عن وحدة وطنية

الموروث الثقافي الشعبي الجزائري تنوّع يعبّر عن وحدة وطنية

179
0
التراث الجزائري

بقلم : كمال فليج _ الجزائر

يُعتبر الموروث الثقافي الشعبي الجزائري ثروة وطنية عظيمة، تجسّد ذاكرة الشعب وخصوصياته الحضارية والاجتماعية المتجذّرة عبر قرون. هذا الموروث ليس مجرّد بقايا من الماضي، بل هو جزء حيّ من الهوية الوطنية، يعكس تنوع الجزائر الجغرافي والعرقي واللغوي.

الجزائر بلد شاسع يمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى أعماق الصحراء الكبرى، ومن جبال الأوراس إلى الهضاب العليا، ما أفرز تنوعًا كبيرًا في الموروث الشعبي يشمل:

اللغة: إلى جانب اللغة العربية، توجد الأمازيغية (بمختلف لهجاتها: الشاوية، القبايلية، التارقية، الميزابية…)، وكل منها يحمل كنوزًا من الحكم والأمثال والملاحم الشعبية.

اللباس التقليدي: مثل القشابية،و القفطان  والبرنوس، والكراكو العاصمي، والملحفة الصحراوية، والجبّة القبائلية المطرّزة.

الموسيقى والفلكلور: مثل موسيقى الشاوي، الراي، المالوف، القناوي، العلاوي، الحوزي، وغيرها من الأشكال الفنية التي تعبّر عن فرادة كل منطقة.

الحكايات الشعبية: مثل قصص “لالة فاطمة”، و”حجايات الجدة”، التي تُروى شفهيًا وتحمل قيَمًا أخلاقية وتربوية.

يحتفظ المجتمع الجزائري بموروث ثري من العادات التي لا تزال حاضرة في المناسبات:

الأعراس: تتميز بطقوس خاصة في كل منطقة، من الحناء إلى الزفاف واللباس والغناء.

الأعياد والمناسبات الدينية: مثل الاحتفال بالمولد النبوي، أو عاشوراء، أو “الوعدة” (مواسم أولياء)، بطقوس تقليدية تشمل الاطباق  الشعبية حسب كل منطقة .

يُعتبر الحرفيون حماةً للموروث، من خلال صناعات يدوية مثل:

الفخار والخزف او كما يسمى محليا الزليج الذي انتقل الى دول الجوار  حتى يزين بيوتهم لجماله و اتقان معالمه .

النقش على النحاس والفضة.

الزرابي التقليدية (كزربية غرداية، أو زربية جبل  عمور).

النسيج والتطريز اليدوي.

صناعة السروج والأحذية التقليدية (البلغة).

رغم هذا الثراء، يواجه الموروث الشعبي الجزائري عدة تحديات:

التهميش في الإعلام والمدرسة.

التهديد بالاندثار نتيجة العولمة والتغيرات الاجتماعية.

قلة التوثيق والبحث الأكاديمي برغم محاولات البعض .

الابتعاد التدريجي عن اللغة واللباس التقليدي لدى الأجيال الجديدة.

لكن في المقابل، هناك جهود تبذلها الدولة والمجتمع المدني للحفاظ عليه، من خلال مهرجانات، معارض تراثية، إعادة إحياء الحرف التقليدية، وتوثيق التراث غير المادي ضمن قائمة اليونسكو. و نذكر على سبيل المثال الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي التي تعتبر الرائدة التي تكافح من اجل الحفاظ و الرقي بهذا الموروث الثقافي من خلال ملتقياتها العربية و المحلية و ابراز جيل جديد حتى يحمل المشعل

يظلّ الموروث الثقافي الشعبي الجزائري مرآة صادقة لروح الوطن، ووسيلة لتعزيز الهوية والوحدة في إطار التنوع.

الحفاظ عليه ليس فقط واجبًا وطنيًا، بل هو استثمار في المستقبل، يُعزّز الجذور، ويمنح الأجيال القادمة وعيًا بأصالتها وخصوصيتها الثقافية.