بقلم: أحمد علي بكري
“جريمة غير مبررة”… هكذا وصفت شرطة كامبريدجشير البريطانية مقتل الطالب السعودي محمد بن مشاري القاسم.
لكن خلف هذه العبارة المضلِّلة، يتخفّى ما لا يريدون الاعتراف به: أن المبرر موجود في أعماق مجتمعات تدّعي المساواة، وهي لا تزال تضمر الحقد والكراهية تجاه كل عربي ومسلم.
محمد القاسم لم يُقتل بالصدفة، ولم يكن طرفًا في شجار، ولم يعرف قاتله أصلًا. كان عائدًا إلى سكنه بعد ليلة هادئة، فانقض عليه شاب بريطاني يُدعى “تشاس كوريغان”، وطعنه حتى الموت قرب محطة Mill Park في مدينة كامبريدج، فقط لأنه كان “هو”… عربيًا، سعوديًا، مسلمًا.
إن من يدّعون محاربة العنصرية في خطابهم الإعلامي والسياسي هم أنفسهم من يحاولون اليوم تمرير الجريمة وكأنها بلا دافع. يرفضون أن يسموها بما هي عليه: جريمة كراهية، وطعن في قلب التعددية التي يتفاخرون بها كذبًا.
جريمة عنصرية بكل ما تعنيه الكلمة
عندما توصف جريمة القتل بـ”غير المبررة”، فاعلم أن هناك من يحاول تفريغها من بعدها الأخطر: الكراهية العرقية والدينية.
لكننا لا نحتاج لتقرير من الشرطة لنفهم الدافع.
فمن المستهدف؟
من الضحية؟
من القاتل؟
ولماذا الطعن، وبأي دافع يُقتل طالب أعزل، في مدينة جامعية؟
الجواب مؤلم، لكنه واضح: لأنه سعودي. لأنه مسلم. لأنه “مختلف” في نظر الجاني.
السعودية لا تسكت على الدم
في وقتٍ كان يمكن فيه أن تمر الجريمة مثل غيرها من الاعتداءات التي تُرمى في زاوية “التحقيق”، جاءت الدولة السعودية، بوزنها السياسي، ومكانتها السيادية، لتقول: محمد ليس وحده.
تحركت السفارة، نُشرت البيانات، تابعت العائلة، وتحوّلت الجريمة إلى قضية لا يمكن التستر عليها.
ولولا هذه الدولة العظيمة التي تقف خلف أبنائها، لما كان هناك من يسمع صوت محمد، ولا من يطالب بعدالة حقيقية، لا صورية.
العالم يكشف وجهه الحقيقي
تتكشف الحقيقة: إن من يدّعون محاربة العنصرية، يمارسونها ضدنا عند أول فرصة.
وإن من يكتبون عن حقوق الإنسان، يسكتون عندما يُذبح شاب مسلم.
وإن المؤسسات القضائية التي نُحسن الظن بها، غالبًا ما تحتاج إلى ضغط سياسي لتقوم بواجبها الحقيقي.
محمد القاسم… لا تمُت مرتين
نحن اليوم لا نرثي محمد فقط، بل نكتب عنه ليظل حيًّا، صوته فوق صوت التضليل، واسمه شاهدًا على كذب التعايش الليبرالي المزعوم.
ولأننا أبناء السعودية، لا نقبل بأن يُنسى اسمه، ولا أن يُطوى ملفه.
رحمك الله يا محمد. لقد قتلوك لأنك سعودي مسلم… فصارت دماؤك دليلًا على نفاق من يدّعون العدالة.






