الرئيسية مقالات لا تواضع للوضيع… ومضة في زمن الكرامة

لا تواضع للوضيع… ومضة في زمن الكرامة

509
0

بقلم: أحمد علي بكري

في تغريدة لافتة للفنان الجميل فايز المالكي، كتب ما يشبه مرآة صافية للنفس، ودرسًا موجزًا في حفظ الكرامة:
“أي شخص ما يحترمك لا تحترمه أبد، صكّه بلوك وأنت ماشي، ولا تفكر فيه.”
وأضاف: “مساعد الرشيدي رحمه الله يقول:
لا تواضع للوضيع ويضيع قدرك
منت مجبور على بعض التواضع”
وقف الكثير عند هذه الكلمات، ليس لأنها صادرة من فنان محبوب، بل لأنها تمسّ جوهرًا غاليًا اسمه الكرامة.
في زمنٍ تتداخل فيه الأقنعة مع الوجوه، وتذوب فيه الحدود بين الذوق والذل، صار لزامًا على الإنسان أن يعرف متى يُسلّم، ومتى يصمت، ومتى يرسم حول نفسه دائرة لا يتجاوزها من لا يقدّره.
بيت مساعد الرشيدي كان كالسيف، قاطعًا، صادقًا، يحذّر من التواضع في غير موضعه. التواضع خلق كريم، لكنه ليس فرضًا تجاه كل من هبّ ودبّ. أن تتواضع للوضيع، فهذا يعني أنك سمحت له أن يهدر قدرك، وأن تنزل بنفسك إلى حيث لا يليق بك.
ولتكملة هذا المعنى الذي بدأه شاعر الكرامة مساعد الرشيدي، أقول:

لا تواضع للوضيع ويضيع قدرك
منت مجبور على بعض التواضع
ارفع النفس العزيزة لا تهينها
ما يضرّك طيش ناقص أو يخادع
من حفظ قدره تعلّى فوق غيره
والقليل بعين نفسك ما يساوع
خل خوتك للكرام اللي لهم قدر
أما غيرهم لا يشفع ولا ينفاع
واحذر اللي لا كبر بالحقد يبسِم
فيه طبع الذل دايم ما ينازع
لا تصادق من تِلاقى فيه نقصك
من رضى بالذل نفسه ما يرافع
واحفظ الكلمة، ترى بعض السكوت
يرفعك لو كل صوتٍ بك يرافع
وإن صبرك زاد عن حدّه ضرَك
صكّ بلوكك وخلّه في تنازع
ما على وجه الكرامة أي مساوم
من نزل قدره ترى الناس تبايع
خلّ قدرك فوق والراس مرفوع
لا تواضع للوضيع، ولا تِطاوع

ليس في هذا تمرد، ولا تعالٍ، ولا قسوة… بل هو احترام الذات، والاحتفاظ بماء الوجه، في عالم يحاول البعض أن يجرّنا فيه لما دوننا.
فكن كريمًا… لكن للكرام فقط.