ا/محمد باجعفر
جازان /صدى نيوز إس
عصيّةٌ هي النفس على التصافي مع من استباح وجعها عن وعي، لا عن جهل،
مع من رأى انكسارك بوضوح ثم اختار أن يضغط عليه،
مع من ذاق فيض الحنان حتى الثمالة، ثم قابل ذلك ببرودٍ متعمّد، وصلابةٍ خالية من الرحمة.
ليس كل من اقترب يستحق البقاء،
وليس كل من عرف تفاصيلك يُؤتمن عليها.
ثمة أشخاص لم يخذلوك مرة، بل جعلوا الخذلان نهجًا،
اعتادوا أن يأخذوا كل ما هو نقي، ثم يرحلوا وهم يلوّثون الطريق خلفهم.
من يدرك نُبل مشاعرك تجاهه، ثم يتعمّد إساءة الظن بك،
من يحرّف نواياك، ويشوّه مقاصدك، ويبحث في كلامك عن إدانة لا عن معنى،
ذاك لم يخطئ الفهم… بل اختار سوءه.
وسوء الاختيار جريمة حين يكون القلب هو الضحية.
هناك وجع لا يُغتفر،
ليس لأنه عظيم فحسب، بل لأنه تكرّر بلا اعتذار صادق،
لأنه جاء من موضع ثقة، من مكان ظننت أنه آمن،
ثم اكتشفت أنه كان أكثر الأماكن فتكًا.
لا تُرمَّم الروح بالكلمات،
ولا تُجبر الكسور بالوعود المتأخرة،
ولا تعود المسافات كما كانت بعد أن تُداس الكرامة مرارًا باسم الحب، أو الصداقة، أو القرب.
ثمة فجوات أحدثها هؤلاء لا يملؤها الزمن،
ولا يسدّها الحنين،
ولا تشفع لها الذكريات مهما ازدحمت.
فالذكريات لا تُعيد الاعتبار، ولا تمحو الإهانة، ولا تُبرر الخيانة الصامتة.
سقطوا من دائرة القبول لا غضبًا،
بل وعيًا.
سقطوا حين تساوت محاولاتهم مع أذاهم،
وحين صار القرب منهم استنزافًا لا مشاركة، وثقلاً لا دفئًا.
قد يبقى لهم في الذاكرة أثر،
لكن لا مكان لهم في القلب.
وقد يُذكر اسمهم عابرًا،
لكن لا يُستدعى حضورهم أبدًا.
فبجوارك سيظل مكانٌ شاغر،
لا لأنك لم تجد من يملؤه،
بل لأنك قررت أخيرًا
أن لا تمنحه لمن استباح وجعك،
ولا لمن خان النبل،
ولا لمن لم يعرف قيمة أن تُمنح روحٌ كاملة ثم يُساء استخدامها.






