بقلم المهندس ابراهيم آل كلثم الصيعري
في بعض الدول، تم إنشاء ممرات مدهشة معلقة على ارتفاعات شاهقة، مما يجعل السقوط منها أمرًا مخيفًا، حيث تبدو الأرض بعيدة جدًا تحتها. هناك أشخاص يعتقدون أنهم قادرون على مواجهة هذا التحدي، ويحاولون عبور هذه الممرات، ويظهر بينهم تباين واضح. فبعضهم يسير بثقة حتى يصل إلى النهاية، بينما يعاني آخرون من الخوف الشديد، حيث يكادون لا يقفون على أقدامهم، ويتشبثون بأي شيء حولهم. وهناك من يسيطر عليه الرعب لدرجة أنه يبدأ في الزحف وهو يصرخ، وآخرون يستلقون على بطونهم غير قادرين على الحركة، ولا يسمع منهم سوى العويل. والمثير للدهشة أن هذه المشاهد المرعبة تحدث على ممرات آمنة تمامًا، تم تأمينها ضد المخاطر، فهي قوية ومثبتة بشكل جيد، وقد تم اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية العابرين.
ولعل لنا في ذلك عبرةٌ عندما نتأمل حالنا وأحوال الناس يوم يُنصب الصراط فوق نار جهنم، أعاذنا الله وإياكم منها، فلا يصل إلى الجنة إلا من ينجح في عبوره، قال تعالى في سورة مريم: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴿٧١﴾ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴿٧٢﴾.
كما تتنوع قدرات الناس على عبور ممرات الرعب في هذه الدنيا،، كذلك تختلف أحوال عبورهم للصراط يوم القيامة، فبعضهم يمر كلمح البصر، وآخرون يزحفون زحفًا، وهناك من يتوسط بين الحالتين. لكن الصراط ليس كتلك الممرات المرعبة في الدنيا، فهي مُؤَمَّنَة ضد كافة المخاطر، بينما الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف، به كلاليب تتخطف الناس. فمن يُخطف يقع في نار جهنم لا محالة، والعياذ بالله. لذا، فإن أحوال الناس يومئذ تتراوح ما بين ناجٍ مُسَلَّم، وناجٍ مخدوش، و مكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يُسحَب سحبا. نسأل الله السلامة.
فأعِدُّوا واستَِعدُّوا، فلن تَعودوا …
١٠/١٠/ ٢٠٢٤ م