محمد الرياني
كان في أشدِّ الغضب ، ارتفعتْ وتيرةُ صداعِه فازدادتْ نبضاتُ قلبه ، لأولِّ مرةٍ يرى لونَ البيتِ من الداخلِ صاخبًا ومثيرًا ، اعتادتْ عيناه على الاستمتاعِ بالألوانِ الهادئةِ ولم يسبق له أن رأى ألوانًا كوجهِ نهارِ الصيف ، اختيارُه لألوانِ الغُرفِ تمَّتْ في أجواءَ اتسمتْ بالهدوءِ ، وفي اليوم الذي انقلبتْ فيه الأمورُ لم يتمالك نفسَه من شدِّةِ الغضب ، اتصلَ على أحدِ أصدقائه ليستيشرَه فاتفقا على موعدٍ لاحق ، حان الموعدُ وجاء صوتُ صديقِه بهدوئه المعتاد ، تغيَّرَ كلُّ شيءٍ في داخله وكأنه أحضرَ ماءً من شلالٍ باردٍ ورشَّه على رأسِه ، بردَ جسمُه ، تلعثمَ واعتذرَ عن بثِّ مكنوناتِه بلباقة ، قال له صديقُه هل الأمورُ على مايرام ؟ هزَّ رأسَه وكأنه يراه ، اختفى صوتُه واختفتْ معالمُ الغضبِ عنده ، عادَ إلى الغرفِ التي تشبهُ غضَبه ، تبدَّلتِ الألوانُ الجميلةُ التي تشبهُ روعةَ وجنتيْه وسحرَ عينيْه وعادتْ إلى مكانها ، سألَ نفسَه عن الطريقةِ التي يحذفُ بها ملفَّ الغضبِ الذي اعتراه حتى لا يعود ثانية ، طلبَ ماءً باردًا كي يسكبَه على رأسِه فوجدٰه ، شعرَ أنَّ أزهارًا ملونةً تستقرُّ على رأسِه لتأخذَ منها عيناه ألوانَها .