هناك أشخاص يمرون في الحياة كالعابرين، يتركون أثرًا مؤقتًا سرعان ما يذوب في زحام الأيام، وهناك من يكون وجودهم امتدادًا للنور، تتسع دوائر عطائهم لتشمل من لا صوت لهم، ومن لا ملجأ لهم، ومن تقطعت بهم السبل !
الأمير عبدالعزيز بن فهد لم يكن مجرد شخصية تحمل لقبًا رفيعًا بل كان إنسانًا قبل كل شيء، يرى في حاجات الناس رسالته وفي إسعادهم غايته وفي مسح دموعهم واجبًا لا يُنتظر عليه شكر !
ليس العطاء مجرد فعل يُمارس حين تتوفر الإمكانيات.
بل هو إحساس متجذر في الروح يدفع صاحبه إلى البحث عن مواضع النقص في حياة الآخرين ليملأها بما يستطيع ،،
كان الأمير عبدالعزيز حاضرًا دائمًا، ليس عبر كلمات تقال، بل بأفعال تسبق حتى مناشدات المحتاجين ،،
لم تكن مبادراته الخيرية حملات مؤقتة، ولم يكن عطاؤه موسميًا !
بل كان نهرًا متدفقًا، يصل إلى حيث يجب أن يصل دون أن يبحث عن الأضواء أو يطلب التقدير !
أن تكون إنسانًا يعني أن تشعر بمعاناة غيرك وكأنها معاناتك أن ترى دمعةً في عين أحدهم فتبادر لمسحها قبل أن تسقط أن يكون قلبك مأوى قبل أن تكون يداك معطاءة ،،
كان الأمير عبدالعزيز نموذجًا لهذه الفلسفة، لم يكن يرى في عمل الخير ترفاً بل ضرورة مُلحه
ولم يكن ينتظر أن يأتيه المحتاج بل كان يسابق الزمن ليصل إليه قبل أن ينهكه الانتظار !
وحين يكون العطاء صادقًا، فإنه لا يحتاج إلى إعلان بل تتحدث عنه الأرواح التي لامسها والقلوب التي أنقذها،
والابتسامات التي صنعها في وجوه كانت غارقة في الألم !
لم يكن الخير الذي زرعه الأمير عبدالعزيز محصورًا في نطاق معين، بل كان واسعًا كاتساع الإنسانية ذاتها، يصل إلى كل محتاج مهما كان موقعه ومهما كانت ظروفه ،،
لأنه كان يرى في كل إنسان روحًا تستحق الحياة الكريمة
لا مجرد حالة تُسجل في دفاتر المساعدات !
ربما في زمنٍ أصبحت فيه الماديات تطغى على المشاعر، والتخطيط يسبق العفوية في كل شيء، يندر أن تجد شخصًا يمنح بلا حساب، يعطي بلا شروط، ولا ينتظر في المقابل شيئًا سوى أن يرى أثر عطائه في حياة الآخرين ،،
لكن الأمير عبدالعزيز كان كذلك، يمد يده ليعين، يفتح قلبه ليسمع، ويتحرك بدافع الحب للناس، لا بدافع الواجب فقط !
الحقيقة التي لا يمكن للزمن أن يمحوها هي أن الإنسان لا يُذكر بما جمع بل بما أعطى !
ولا يُخلد بعد رحيله بما امتلك بل بما تركه في قلوب الناس من أثر.
والأمير عبدالعزيز لم يكن مجرد رجل معطاء، بل كان نموذجًا نادرًا لمن جعل الإنسانية رسالته ورأى في خدمة الناس معنى وجوده !
فأصبح اسمه يرتبط في أذهان الكثيرين بحكايات الخير التي لا تنتهي …
بقلم ؛ قوت الشمري