الرئيسية مقالات انتصف رمضان.. فرصة جديدة لمضاعفة الطاعات ونيل المغفرة

انتصف رمضان.. فرصة جديدة لمضاعفة الطاعات ونيل المغفرة

26
0

الكاتب:✍🏻
الإعلامي/ خضران الزهراني

ها نحن نصل إلى منتصف شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، وقد انقضت أيامه الأولى سريعًا حاملة معها البركات والنفحات الإيمانية. رمضان هو مدرسة عظيمة في الصبر والتقوى، حيث تسمو فيه الأرواح، وتتطهر النفوس، وتتجدد العهود مع الله سبحانه وتعالى بالصيام والقيام وتلاوة القرآن، فمضى نصفه، ليكون شاهدًا لنا أو علينا، وما زالت الفرصة سانحة لمن أراد اللحاق بركب الصالحين.

أيام الرحمة انقضت.. وأيام المغفرة قد بدأت

لقد مضت العشر الأولى، التي تجلت فيها رحمة الله بعباده، ونحن الآن في العشر الثانية، حيث تتسع أبواب المغفرة لمن أقبل بقلب صادق، وسعى لرضا الله بعمل صالح. من قصّر في بداية الشهر، فلا يزال أمامه متسع من الوقت للتوبة والاستغفار والعودة إلى الله، ومن اجتهد فليواصل اجتهاده، فالسباق إلى الجنة لا يزال مفتوحًا، والعبرة ليست بالبدايات فقط، بل بالنهايات أيضًا.

نصف رمضان مضى.. فماذا أعددنا للنصف الآخر؟

إن انتصاف رمضان هو تنبيه لكل غافل، وتذكير لكل منشغل، أن الأيام تمضي بسرعة، وما تبقى من الشهر أقل مما مضى. هو فرصة لمراجعة النفس، وتجديد النية، وتصحيح المسار. هل حافظنا على صلواتنا؟ هل تلونا القرآن بانتظام؟ هل أكثرنا من الدعاء والذكر؟ هل أدينا الصيام بروحه، لا بمجرد الامتناع عن الطعام والشراب؟

لقد اقتربت العشر الأواخر، وهي أشرف ليالي الشهر، التي فيها ليلة القدر، خير من ألف شهر. فمن أراد إدراكها، فعليه أن يستعد من الآن، بأن يجدد نشاطه في العبادة، ويجعل نيته صادقة في التوبة، ويكثر من الأعمال الصالحة، حتى إذا دخلت العشر الأواخر، كان في أفضل حالاته الإيمانية، مستعدًا للاغتراف من فيض رحمات الله وبركاته.

رمضان ليس فقط صيامًا.. بل مدرسة للتغيير

إن بلوغنا منتصف رمضان نعمة عظيمة تستوجب الشكر، فهو فرصة ذهبية لتغيير العادات، والتقرب إلى الله، وإصلاح علاقتنا به وبالناس من حولنا. فالصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو تدريب للنفس على الصبر، وحفظ اللسان، وغض البصر، وكف الأذى عن الآخرين. فكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش؟ وكم من قائم لا ينال من قيامه إلا التعب والسهر؟

علينا أن نسأل أنفسنا بصدق: هل تغيرنا إلى الأفضل منذ دخول رمضان؟ هل استغللنا أوقاته في الطاعة، أم أضعناها فيما لا ينفع؟ هل اغتنمنا كل لحظة فيه للتقرب من الله، أم انشغلنا بالملهيات؟

فلنجعل ما تبقى من رمضان محطة للتوبة والعمل الصالح

ما زالت الفرصة قائمة، وما بقي من رمضان قد يكون أعظم من الذي مضى، فلنجعل هذه الأيام المتبقية محطة لمحاسبة النفس، وتصحيح المسار، والإكثار من الطاعات. لنحرص على الصلاة في وقتها، وقيام الليل، وتلاوة القرآن، والدعاء بإخلاص، والاستغفار من الذنوب، ومساعدة المحتاجين، وصلة الأرحام، وحسن الخلق مع الناس.

نسأل الله أن يبارك لنا فيما تبقى من رمضان، وأن يعيننا على الصيام والقيام، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يكتب لنا المغفرة والرحمة والعتق من النار، وأن يبلغنا ليلة القدر ويجعلها لنا نورًا وهداية. رمضان يمضي سريعًا، فهل نحن مستعدون لنيل خيره قبل فوات الأوان؟