عبدالله بن لافي السويلمي العنزي
وقعت القصة على وجه التقريب حوالي عام 1283 هـ. ونسبت لأكثر من شاعر وتتمتع هذه القصيدة بشهرة كبيرة في أنحاء الجزيرة العربية، وقد اختلف في قائلها وبطل قصتها، كما اختلف في تفاصيل القصة، وقد نسبت القصيدة إلى عدة أشخاص من بينهم: شرعان الرمالي الشمري، وحسين أو علي الأطرق السويدي الشمري، وقيل إنها لسعد بن مشعل البلوي، وقيل سعد بن مشعل المطرفي من عنزة، وأشهر الأقوال إنها لشرعان الشمري. وربما أن القصيدة الأولى نظم على منوالها شعراء آخرون فتداخلت الأبيات في قصيدة واحدة ولم يفرق الرواة بينها.
أما تفاصيل القصة فيختلف حولها الرواة، ومختصر القصة أنه كان بين الشاعر وبين أبناء عمه خلاف طويل، وكانت أختهم زوجة له، وقد حاول أبناء عمه حل هذا الخلاف إلا أنه أصر عليه وقيل إنه توعدهم بالقتل، ومنع زوجته من زيارتهم ومقابلتهم. وكان الشاعر يحب زوجته حبا شديدا، وقد حاول شقيقها أن يستثمر محبة الزوج لها لحل هذا الخلاف فجاء لزيارة أخته خلسة حتى لا يبصره زوجها فيقتله، وكان حديثه مع أخته يدور حول محاولتها إقناع زوجها بحل الخلاف وإنهاء المشكلة، ثم خرج أخوها متخفيا تحت جنح الظلام وعاد لبيته، إلا أن هناك شخص رآه ولم يعرفه فظن ظنا سيئا بالزوجة، وذهب إلى زوجها وأخبره أنه شاهد رجلا يخرج من عند زوجته، فغضب الزوج، وظن أن زوجته تخونه، وجاء مسرعا لزوجته وأشبعها ضربا وشتما، ثم طلقها وتركها تذهب لبيت أهلها وكلها هم وحزن وألم. زادت هذه المشكلة من حدة الخلاف إلا أن الأيام كانت كفيلة بكشف الحقيقة، وعرف الزوج أن الرجل الذي خرج من عندها هو أخوها، فعاش في ندم ما بعده ندم، وتيقن أنه ظلم زوجته العفيفة وأساء إليها. لم يجد وسيلة إلى رضاها ورضا والدها وإخوانها وذهب ليرجعها من أهلها فقال عمه البنت حرمت عليك واسأل المشايخ ( دايس ودواس ) فهم من حرموها عليك. فكتب هذه القصيدة النابعة من أعماق قلب مشبع بالحب والندم. وتختلف روايات القصيدة اختلافا كبيرا بين الرواة، وسأورد بعض أبياتها الشهيرة :
ياراكـب من فوق حلوات الاجناس
مـن عند رمان الحمر درهمني
مافوقهن كـود الدويـرع وجـلاس
وسفايـف بيـن اربــع يلعبـنـي
تحركنا مـن عندنـا حيـن الادماس
ومضـى سـواد الليـل مابركـنـي
وليا لفيتوا عنـد مدقـوق الالعـاس
الجـادل الـلـي بالمحـبـه محـنـي
قولوا على حبل الرجا يطـوي اليـاس
ولبيـض غيـره كلهـن يحرمـنـي
والله يعلـم بالخفـايـا والآجــاس
شي مضى من صغر سنـه وسنـي
لي بنت عم ماوطـت درب الادنـاس
ولادنسـت يـوم النسـاء يدنسنـي
ضربتها وانا احسب الضرب نومـاس
طلقتها يـوم اخفخـت العقـل منـي
وياعم اللي طعت بي هـرج الانجـاس
طاوعت هرج الناس واخلفـت ظنـي
طعت بـي ياعـم دايـس ودربـاس
وعـوارض صدقتـهـا وابعـدنـي
واليوم بس الدار ومشتاقـة الـراس
وثــلاث لايبـكـن ولاينبكـنـي
ياناس كيف العين تبكي علـى نـاس
وكيف العيون بـلا رمـد يسهرنـي
لو ينشكي حبي على ذيـب الأطعاس
يسـرح مـع الطليـان مايجفلـنـي
ولو ينشكي حبي على طيـر قرنـاس
اضحى الضحـى بمويكـره مستكنـي
ولو ينشكي حبي على قـب الافـراس
عيـن نهـار الـكـون ما يفزعـنـي
ولو ينشكي حبي على الميـت مانـاس
يثـور مـن بيـن النصايـب يونـي
وحتى النجوم اللي مع الليـل غـلاس
لـو ينشكـي حبـه لهـن وقفـنـي
ياعم انا لي طلبـة الـراس بالـراس
ياعـم شـوف رسومهـم ماانمحنـي
والله لـو هـي ماتبينـي فـلا بـاس
لاشـك خبثـان النفـوس طردنـي
وانا احمد الله خالـق كـل الانفـاس
وجعل وسـاع القـاع مافيـه منـي .
******