بلحظة أعادتني الذكريات إلى عهد طفولتي، عدا أني لا زلت لليوم أعيش بعضاً من تلك الذكريات الجميلة كأني لا زلت طفلة، سأظل أحفظ صورة ذاك الطفل الذي أشعر أنه يسكن بداخلي وأتخيله لا يكبر أبداً وهو حاضر بداخلي دائماً.
أنا كنت دائماً أنام على صوت أمي الحنون حين تضعني بين يديها وتحتضنني وتهدهد عليّ وتغني لي بذاك الصوت الدافئ والخافت حتى أنام بإرتياح، وكانت تحول تلك اللحظات إلى سكون، وتجعل كل ما يحيط بي مجرد همس متدفق، وتعطني جرعات عالية من الحنان وكأنها بمثابة مخدر ينسيني الألم والأرق.
وما أجمل تلك الأهازيج التي كنا نحبها وما زلنا نحبها للآن كأمثال:
“نامي يا عيني، كل الناس نامت، عين الله ما بتنام، نامي يا عيني، وعينك أعز من عيني، إنتِ فارس همام، إنتِ بأول الخيل، يلا تنام يلا تنام لأذبحلك طير الحمام، يلا يا عينو تنام” وغيرها من الكثير من الغنيات الأهازيج الحلوة.
وكذلك عندما أستيقظ، كانت أمي تغني لي غنوات لا تقل جمالاً، كأمثال: “يا صباح الخير والورد اليّ مفتح على الخدين، يا صباح الخير يا كحيل العين” وغير ذلك من هذه الطقوس الجميلة التي اكتسبتها والأن أستعيدها أحياناً كثيرة حين أحتضن أبناء اخوتي
الصغار، واستغرب كيف ينامون بسرعة بمجرد أشدو لهم وأضعهم بجانبي، وما أن تمر دقائق الا وهم يغطون في نوم عميق، يعيدني هذا المشهد إلى حيث كنت طفلة صغيرة، ويجعلني أحن حقاً الى حضن أمي وخاصة لما يصيبني بعض من أرق أو مرض، لتضعني في حضنها وتمرر بيدها على خصلات شعري، وتهدهد لي، إلى أن أنام وكأني طفلة في سنتها الأولى حين أشم تلك الرائحة العطرة التي تمتاز بها أمي (وكل أم) والتي هي عبارة عن الحقنة المهدئة التي كانت تجعلني في عالم بعيد عن كل ما فيه من شوائب.
.بقلم غزل احمد المدادحة