محمد الرياني
تتواجدُ أسفلَ درَجِ البيتِ بشكلٍ متكررٍ قِطَّةٌ عرجاءُ تتحركُ بثلاثٍ وتسحبُ الرِّجلَ الرابعةَ ببطء ، اعتادَ بعضُ أفرادِ العائلةِ إطعامَها فارتاحتْ للمكانِ واطمأنتْ على الرُّغمِ من حرَكتِها المُثخنةِ بالألمِ ، في عينيْها بريقٌ وبراءة ، يشعرُ مَن يراها بالشفقةِ نحوها ، لا تبتعد كثيرًا عن البيت ؛ وإذا ابتعدتْ اتجَّهتْ لأيِّ ظلٍّ قريبٍ تتفيأُ تحتَه ، أو نحوَ زاويةٍ تشعرُ فيها بالأمان ، مشكلةُ هذه القِطَّةِ المسكينةِ العرجاءِ هي كثرةُ تكرارِ الحملِ والولادة ، وفي كلِّ مرةٍ نرى معها مجموعةً من الصغارِ تحملُهم بفمِها وتنقلُهم من مكانٍ إلى آخر ، مررتُ ذات يومٍ بجوارها فورَ ولادتِها بعد أن أنجبتْ صغارًا بألوان رماديةٍ متباينة ، أطلقتْ نحوي صوتًا شَرِسًا وكأنَّها قد نسيتْ عَطْفي وإطعامي لها بالسَّمكِ والدَّجاج ، قلتُ في نفسي : عرجاء وتسلِّمين نفسكِ للقِطَطِ لإشباعِ رغباتكِ ورغباتِهم ؛ لكنَّني سرعان ما تألمتُ وعدتُ إلى المطبخِ وقلتُ لعلها جائعةٌ وفي بطنِها ألمُ الجوع ، جئتُ إليها بوجبةٍ دسمة ، أصدرتْ مواءَها الناعمَ هذه المرَّة ومشتْ بتثاقلٍ وقد اطمأنَّتْ أنَّ صغارَها الذين وُلدوا في مَأمن ، بدأتْ تأكلُ وأنا في الظلِّ أقرأُ في عينيْها السعادة ، شبعتْ وعادتْ إلى صغارها ، حمَلَتْهم تباعًا وانتقلتْ إلى جهةٍ مختلفة ، بدتْ متاعبُها في ازدياد ، تمنيتُ لو كنتُ أعلمُ أنَّ لي لغةً تفمهُما أن أطرحَ عليها فكرةَ عدمِ الحَملِ وأن تتركَ الاسترخاءَ للقِططِ حتى لا تَتْلفَ كلُّ قوائمِها أوتفقدَ حركتَها ؛ ربما لاتعلم أنَّ القططَ الماكرةَ لا ترحمُ و لاتفرِّقُ بين أنثى بثلاثِ أرجلٍ أو أخرى سليمةٍ بأربع .
