بقلم: أحمد علي بكري
جازان، جوهرة الجنوب، وعنوان الخصب المتجدد، ليست مجرد بقعة زراعية على خارطة المملكة؛ بل هي منجم طبيعي للغذاء، وركيزة أساسية في استراتيجية الأمن الغذائي الوطني، ومركز حيوي للتنوع الزراعي الذي تنفرد به السعودية في عالمها العربي. ولُقّبت عن استحقاق بـ”سلة غذاء المملكة” لما تختزنه من موارد طبيعية، وتضاريس غنية، ومناخ استوائي فريد يتيح إنتاج فواكه واستزراعات نادرة.
المقومات الطبيعية: أرض وُهِبت للنماء
تتنوع تضاريس جازان بين السهول الساحلية الخصبة، والمرتفعات الجبلية الغزيرة الأمطار، والأودية الخصبة كبيش وجازان، ما يجعلها من أكثر مناطق المملكة تنوعًا بيئيًا وزراعيًا. كما يُعد سد وادي جازان داعمًا حيويًا لتوفر المياه، مما أسهم في تطوير الزراعة المستدامة طوال العام.
تنوع المنتجات الزراعية: من الفاكهة إلى الحبوب
أولًا: المانجو والفواكه الاستوائية
تُعد جازان الموطن الأول للمانجو في المملكة، حيث تضم أكثر من مليون شجرة تُنتج سنويًا أكثر من 65 ألف طن. ومن أشهر أصنافه:
التومي، الكيت، الزبدة، السنسيشن، الجلن.
كما تحتكر زراعة الفواكه الاستوائية مثل:
البابايا، القشطة، التين، الجوافة، الأناناس، الدراغون فروت.
ثانيًا: الموز الجيزاني.. فخر الأرض ورمز العطاء
يُعد الموز البلدي الجيزاني من المحاصيل الأصيلة، ويزرع في أبوعريش، صبيا، ووادي جازان، بإنتاج سنوي يتجاوز 20 ألف طن.
ومن أبرز الأصناف:
الموز البلدي الجيزاني (الأشهر)
كافنديش
الموز الأحمر
موز التفاح (مانزانو)
الموز القزم
ويمتاز الموز الجيزاني بطعمه الحلو وسرعة نضوجه، ويُستخدم في الصناعات الغذائية والحلويات المحلية.
ثالثًا: الخضروات والحبوب
لا تقتصر الزراعة في جازان على الفواكه، بل تشمل محاصيل استراتيجية مهمة، منها:
الخضروات:
البامية
الطماطم
القرع
الفلفل
الملوخية
السبانخ
الحبوب والبقوليات:
الذرة الرفيعة
السمسم
الدخن
اللوبيا والفول البلدي
وتمثل هذه المحاصيل مصدرًا غذائيًا أساسيًا لسكان المنطقة، وسوقًا واعدًا للاستهلاك المحلي والتوزيع الإقليمي.
رابعًا: البن العربي الخولاني
تُعد جازان مهدًا للبن الخولاني الأصيل، ويُزرع في جبال فيفاء، بني مالك، والداير، ويزيد عدد أشجاره على 300 ألف شجرة. ويُعد من أجود أنواع البن عالميًا، مُسجل ضمن مبادرة “البن السعودي الخولاني”، ويُصدّر للأسواق الخارجية تدريجيًا.
خامسًا: الزهور العطرية.. عبير من الجنوب
من الفلّ الجيزاني إلى الكادي والورد البلدي، فإن الزراعة العطرية في جازان ليست فقط جمالًا وعبقًا، بل كنز اقتصادي حقيقي.
ومن أشهر النباتات العطرية:
الفل الجيزاني
الورد البلدي
الكادي
الريحان
البعيثران
النعناع الجبلي
وتنتج المنطقة أكثر من 5 ملايين زهرة سنويًا من خلال أكثر من 70 مشتلاً، وتُصدر إلى مناطق متعددة داخل المملكة والخليج.
الفرص الاستثمارية الزراعية: ثروة تحت التربة
تُعد جازان بيئة استثمارية غنية، ومن أبرز الفرص:
تصنيع الزيوت والعطور الطبيعيه
تجفيف وتغليف وتعبئة المانجو والموز والخضروات
الاستثمار في مزارع ذكية وبيوت محميه
السياحة الزراعية وتنظيم رحلات الحصاد والزيارة للمزارع
مهرجان المانجو 2025: احتفال بالثمار وتوجيه بالتنمية
تشهد جازان هذه الأيام انطلاق فعاليات مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية 2025 في نسخته الـ21، وسط إقبال لافت من الزوار والمزارعين والمستثمرين من داخل المملكة وخارجها.
د
ويُعد المهرجان علامة تسويقية وطنية، ومنصة حقيقية للتعريف بجودة منتجات المنطقة، وفتح آفاق الاستثمار، وتحفيز الاقتصاد الزراعي.
وقد وجّه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، أمير منطقة جازان، بتوفير جميع الإمكانات لإنجاح المهرجان، مؤكدًا أهمية دعم القطاع الزراعي وتمكين المزارعين، وضرورة التوسع في إدخال التقنيات الحديثة، وتطوير سلسلة الإنتاج والتصنيع الغذائي.
كما أكد سموه اهتمامه بكافة المجالات الاقتصادية والسياحية والصناعية، في سبيل تحقيق التنمية المتكاملة والمتوازنة في المنطقة، بما ينسجم مع رؤية المملكة 2030.
جازان ورؤية المملكة 2030: زراعة، اكتفاء، ونمو
تنعكس أهداف رؤية 2030 في ملامح التنمية الزراعية بجازان من خلال:
دعم الزراعة المستدامة
تمكين أسر المزارعين والمجتمعات الريفية
رفع كفاءة سلسلة الإمداد الغذائي
تعزيز الاستثمار والتصدير الزراعي
الختام: أرض الثمر والعبير
جازان ليست مجرد سهل أخضر أو جبل مخضر، بل هي قصة وطنية حيّة، تُروى في كل موسم حصاد، وتُكتب بأيدي مزارعيها في كل زهرة، وفاكهة، وحبة بن.
من يزر جازان… يشتمّ عبير الأرض، ويتذوق طعم الوطن، ويرى في زراعتها وعدًا أخضر بمستقبل واعد.
