الرئيسية محلية ديودراما فلسفية تغوص في أعماق النفس البشرية

ديودراما فلسفية تغوص في أعماق النفس البشرية

103
0

 

ياسر الحلوي- جازان

“الرجل الأخير” عرض ديودراما قدمته جمعية ضو للمسرح والفنون الأدائية في قاعة الجمعية BLACK BOX جمع بين الأداء المتقن والرؤية الفلسفية العميقة، وهو من تأليف وإخراج الفنان الكوبي لويس مونوز، وتمثيل الثنائي عاصم عقيل وحسن منصور، حيث جسدا رحلة إنسانية شائكة، تمزج بين صراع البقاء وتساؤلات الوجود ، حيث تتقلص المساحة الخارجية وتتسع المساحات الداخلية لمشاعر النفس البشرية. يدور العرض في زمن ومكان غير معلومين ، رجلان في مواجهة بعضهما يعبران متسائلين ومواجهين بعضهما بأخطاء الماضي وواقع عبثي يفرض عليهما مواجهة أسئلة كبرى:

لماذا جئت؟ وهل يستحق مافعلته؟ وهل الانتقام هو الحل؟

 

الإخراج وتشكيل فضاء القاعة

اعتمد لويس مونوز على أسلوب إخراجي مكثف يوظف الفراغ والديكور بذكاء، مستلهمًا تقنيات “المسرح الفقير”، فجاءت الإضاءة بلا تكلف ولكن معبرة، واستخدمت الموسيقى والمؤثرات الصوتية كامتداد لصوت ضمير متأرجح يأبى أن يسكن أو ينسى، بينما

أصبحت الإيماءات الجسدية لغة تتحدث تنطق بما لا يقال.

الأداء والتشخيص

أبدع عاصم عقيل وحسن منصور في تجسيد التحولات النفسية العميقة، وتمكنا من بناء توتر درامي متصاعد رغم اقتصار العرض على شخصيتين فقط

وبدا كل منهما وكأنه مكمّل للآخر.

لا تمنحنا المسرحية إجابات جاهزة، بل تتركنا أمام تساؤل كبير : إذا كان هذا هو “الرجل الأخير”، فهل يحمل في داخله البذرة الأولى لإنسان جديد، أم صدى انقراض قديم؟

كلمة أخيرة

مسرحية “الرجل الأخير” ليست مجرد تجربة أدائية، بل رحلة تأملية في جوهر الإنسان حين يسقطه من حوله، ويبقى هو في مواجهة نفسه. عرضٌ اختزل بحواراته المكثفة وصوره البصرية الشعرية مأساة الإنسان الحديث، وأعاد طرح أسئلة لا تموت.