الرئيسية محلية “صكوك الوطنية ليست بيدك”

“صكوك الوطنية ليست بيدك”

309
0

 

بقلم: أحمد علي بكري

في عصر ازدحمت فيه المنصات بالصوت العالي، وارتفع فيه صرير لوحات المفاتيح أكثر من صوت الحكمة، برز نوع جديد من “القضاة” لا يعرف من ميزان الوطنية إلا هواه، ومن الولاء إلا انتماءه الضيق، يوزع الصكوك ويصنف الخلق: هذا سعودي، وهذا لا، هذا وطني، وذاك منبطح.

لكن السؤال الجوهري هنا: من أنت؟

ومن نصبك ميزانًا للوطنية، أو حاكمًا على القلوب والنوايا؟ هل الوطنية تُمنح بمتابعة حسابات معينة أو المشاركة في حملات إلكترونية؟ وهل الولاء يُختصر في شتم طرف أو تمجيد آخر؟

أنا سعودي، ومسلم، ومحب لوطني، ولا خط أحمر عندي قبل ديني، ثم قيادتي التي بايعتها، ووطني الذي أفديه، ومقدساتي التي أسجد لله على ترابها. لا أتبع الأشخاص، ولا أنخرط مع القطيع، ولا أنتظر إشارة من مؤثر ليتحدد موقفي.

الوطن لا يُختصر في “هاشتاق”، ولا في “ترند”.

الوطن يسكن في قلب معلمٍ علّم أجيالًا، وطبيب أنقذ الأرواح، ورجل أمنٍ يسهر في الليالي، وفنان يرسم صورة بلاده بموهبته، ومفكر يكتب بصدق، وأمٍّ أمّية ربت أبناءها على حب تراب هذه الأرض.

هؤلاء كلهم أبناء وطن، يمثلون الوطن بطريقتهم.

وليس شرطًا أن يملأوا شاشات الهواتف حتى يُعترف لهم بالانتماء. فكم من وطنيٍّ عظيم لا يعرف شيئًا عن “السوشال ميديا”، لكنه رفع راية بلاده في محفل دولي، أو حافظ على أمانته في وظيفته، أو علّم أبناءه أن الولاء لله ثم للقيادة والوطن.

الوطنية ليست بطاقة تصدرها، ولا شهادة تمنحها لمن تحب.

الوطنية سلوك، والتزام، وصدق نية، لا يعرفه المتلونون ولا من يبحثون عن بطولات وهمية على حساب غيرهم.

فرفقًا بالوطن… ولا تحوّل حبك له إلى سلاح تطعن به أبناءه.

حفظ الله وطننا، وقيادتنا، وأدام علينا نعمة الأمن والانتماء.