الرئيسية مقالات •*جهود وزارة الداخلية في تأمين وسلامة منظومة الحج•*

•*جهود وزارة الداخلية في تأمين وسلامة منظومة الحج•*

86
0

✍🏻 اللواء. محمد فريح الحارثي
تمثل مناسك الحج تحديًا لوجستيًا وأمنيًا هائلاً نظرًا لتجمع ملايين المسلمين من شتى بقاع الأرض في بقعة جغرافية محدودة وخلال فترة زمنية قصيرة وفي قلب هذا المشهد المعقد تقف وزارة الداخلية السعودية بمثابة العمود الفقري للجهود المبذولة في تنظيم وتأمين وسلامة المعتمرين والحجاج والزوار على حد سواء فالدور الذي تضطلع به الوزارة يتجاوز مجرد تطبيق القوانين ليجسد منظومة متكاملة من التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الدقيق والتعامل الحازم والتكيف مع المستجدات والتحديات المختلفة ورغم كثافة المهام لقطاعاتها المختلفة التي لا يمكن حصرها في هذا المقال الا انها تتجلى في المهام والجهود التالية:
اولاً: تواكب وزارة الداخلية الثورة التكنولوجية العصرية حيث تعتمد على الرقمنة بشكل كبير في تنظيم وترتيب عملية الحج حيث تهدف إلى تسهيل الإجراءات وتبسيطها للحجاج وتوفير بيئة آمنة وفعالة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الهوية الرقمية عبر منصات “أبشر” و”توكلنا”والذكاء الاصطناعي حيث تسعى الوزارة إلى تحسين تجربة الحجاج وتقديم خدمات أفضل من خلال:
1- خدمة الهوية الرقمية للحجاج مما يتيح لهم التحقق من هويتهم إلكترونيًا عبر منصتي “أبشر” و”توكلنا” فهذه الخدمة تسهل عملية التسجيل وتضمن تقديم خدمات أكثر كفاءة وأمانًا.
2-مبادرة طريق مكة وهي إحدى مبادرات وزارة الداخلية ضمن برنامج خدمة ضيوف الرحمن أحد برامج رؤية السعودية 2030 أطلقته في عام 2017م وتهدف إلى تقديم خدمات ذات جودة عالية للحجاج المستفيدين من المبادرة من خلال إنهاء إجراءاتهم من بلدانهم بدءًا من إصدار التأشيرة إلكترونيًا وأخذ الخصائص الحيوية ومرورًا بإنهاء إجراءات الجوازات في مطار بلد المغادرة بعد التحقق من توافر الاشتراطات الصحية إضافة إلى ترميز وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والسكن في المملكة وعند وصولهم ينتقلون مباشرة إلى حافلات لإيصالهم إلى مقار إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة بمسارات مخصصة

ثانياً: إصدار التصاريح

تُعد عملية إصدار تصاريح الحج الخطوة الأولى والأكثر أهمية في تنظيم مناسك العمرة والحج حيث تهدف هذه الآلية إلى التحكم في أعداد المعتمرين والحجاج بما يتناسب مع القدرة الاستيعابية للمشاعر المقدسة وتجنب الازدحام الذي قد يؤدي إلى ارباك التنظيم ويؤثر على سلامة وامن منظومة الخدمات.
وتعتمد وزارة الداخلية على نظام منصة “تصريح” وهي منصة رقمية موحدة لتصاريح الحج تتيح للجهات الأمنية في مداخل العاصمة المقدسة قراءة التصاريح والتحقق منها آليًا عبر تطبيق “ميدان”. وهذه المنصة تمثل نموذجًا متقدمًا لحلول تقنية ابتكارية تزيد من مرونة وسرعة إصدار التراخيص تتميز بمراعاة الحصص المخصصة لكل دولة وتضمن وصول التصاريح إلى مستحقيها وفقًا لمعايير محددة حيث أن النظام لا يقتصر على تنظيم الأعداد فحسب بل يساهم أيضًا في تسهيل عملية تتبع الحجاج وتقديم الخدمات اللازمة لهم.

ثالثاً: إدارة وتنظيم شريان الحركة المرورية في قلب الزحام

يمثل تنظيم الحركة المرورية تحديًا استثنائيًا خلال موسم الحج حيث تتداخل حركة الحافلات والمركبات الخاصة وسيارات الإسعاف والدفاع المدني والخدمات البلدية ومئات الالاف من المشاة في شبكة طرق محدودة فتبذل وزارة الداخلية جهودًا جبارة في هذا الصدد من خلال وضع خطط مرورية تفصيلية وتوزيع الانتشار الأمني والمروري بشكل استراتيجي واستخدام التقنيات الحديثة في إدارة الحركة وتوجيه الحشود.

ويتم تطبيق أنظمة مرنة ومتغيرة حسب حاجة السير وتقيد الحركة في أوقات الذروة وتخصيص مسارات محددة لحركة الحجاج بين المشاعر

ورغم هذه الجهود الجبارة يبقى التحدي قائمًا في ظل الكثافة الهائلة للمركبات والكثافة البشرية للمشاة وما يصدر من مخالفات إلا انه يبقى التغلب على تلك التحديات عنوان النجاح والتميز في مهام وزارة الداخلية حفظه الله وبارك جهودها.

رابعاً: إدارة الحشود في الحرمين والمشاعر المقدسة

تُعتبر إدارة الحشود في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة (منى، مزدلفة، عرفات) من أصعب المهام التي تواجهها وزارة الداخلية حيث يتطلب ذلك تخطيطًا دقيقًا للمسارات وتحديد مناطق التجمع والانصراف ونشر أعداد كبيرة من رجال الأمن المدربين على التعامل مع الحشود بكفاءة وهدوء من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة الحشود وتحليل ورصد البيانات المتقدمة وتفويج الحجاج عبر منصتي (بسيط) و(سواهر) ومنصات الأمن العام حيث يتم استخدام التقنيات الحديثة مثل الكاميرات الحرارية والطائرات بدون طيار لمراقبة حركة الحشود والتدخل السريع عند الحاجة ورغم نجاح هذه الإجراءات الا أن اختلاف ثقافات الحجاج وعدم التزام البعض بالتعليمات يشكل تحديًا مستمرًا يتطلب مزيد من الجهود التي تتميز بها منظومة قطاعات وزارة الداخلية .

خامساً: التحديات المتنوعة اختلاف الثقافات محدودية الزمان والمكان ومخالفات الحجاج

تواجه وزارة الداخلية خلال موسم الحج تحديات متعددة ومتداخلة فالاختلاف الكبير في ثقافات الحجاج ولغاتهم وعاداتهم يتطلب أساليب تعامل مرنة ومتفهمة كما أن محدودية الزمان والمكان تفرض ضغوطًا هائلة على جميع القطاعات العاملة في خدمة الحجاج بالإضافة إلى ذلك فإن بعض المخالفات التي قد تحدث من بعض الحجاج سواء كانت تتعلق بالتعليمات الأمنية أو التنظيمية تتطلب تعاملاً حازمًا وفوريًا للحفاظ على سلامة الجميع.

ختاما
إن جهود وزارة الداخلية في تنظيم وتأمين وسلامة منظومة العمرة والحج جهود مضنية ومستمرة تتطلب تخطيطًا استراتيجيًا وتنفيذًا دقيقًا وتعاونًا وثيقًا مع جميع الجهات المعنية.
ورغم التحديات الكبيرة المتمثلة في اختلاف ثقافات الحجاج ومحدودية الزمان والمكان وبعض المخالفات الفردية فإن الوزارة تبذل قصارى جهدها لضمان أداء هذه الشعيرة العظيمة في أجواء آمنة وميسرة كما إن التطور المستمر في الخطط الأمنية والمرورية وادارة الحشود واستخدام التقنيات الحديثة وتدريب الكوادر الأمنية على أعلى المستويات يعكس حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي العهد محمد بن سلمان وسمو وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف حفظهم الله على توفير أفضل الخدمات لضيوف الرحمن ويبقى الوعي والتعاون من الحجاج أنفسهم عنصرًا أساسيًا في إنجاح هذه الجهود وتحقيق حج آمن كل عام إن شاء الله ودام النجاح والتميز حليف وزارة الداخلية ودام عز الوطن.