بقلم:احمد علي بكري
مقدمة
الخليج الذي يمتد على شواطئ عدد من الدول العربية، من العراق والكويت مرورًا بالسعودية والبحرين وقطر والإمارات وعُمان، ليس مجرد مسطح مائي؛ بل هو عمق جغرافي وثقافي وحضاري للشعوب العربية منذ آلاف السنين. ومع ذلك، تسعى بعض الجهات، وعلى رأسها إيران، إلى فرض مسمى “الخليج الفارسي”، متجاهلةً حقائق التاريخ والجغرافيا والواقع السكاني. وفي هذا المقال، نثبت بالأدلة أن “الخليج عربي الهوية والانتماء”، وليس كما يُروَّج له من أكاذيب تاريخية.
أولًا: الشواهد التاريخية القديمة
تثبت النصوص القديمة، حتى تلك التي سبقت الميلاد، أن الخليج كان يُعرف بأسماء متعددة، أغلبها يربط هذا الممر المائي بالعرب:
1. النصوص اليونانية والرومانية:
المؤرخ الإغريقي هيرودوت (484 ق.م – 425 ق.م) لم يستخدم تسمية “الخليج الفارسي”، بل أشار إلى منطقة الخليج كجزء من الأراضي التي يسكنها العرب.
بطليموس الجغرافي الشهير في القرن الثاني الميلادي أشار إلى الخليج باسم “Sinus Arabicus” أي “الخليج العربي”.
2. الكتابات السومرية والبابلية:
الوثائق السومرية والأكدية القديمة التي تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد تشير إلى وجود تواصل بحري وتجاري بين مناطق الجزيرة العربية وسواحل الخليج، وتحديدًا مع مملكة “دلمون” (البحرين حاليًا)، مما يؤكد الطابع العربي للمنطقة منذ العصور القديمة.
3. الخرائط الأوروبية القديمة:
العديد من الخرائط الأوروبية، خاصة في العصور الوسطى وعصر النهضة، استخدمت مسمى “الخليج العربي” أو “Arabian Gulf”. وتُعرض نسخ منها اليوم في متاحف عالمية مثل المتحف البريطاني ومكتبة الكونغرس.
ثانيًا: التكوين السكاني والجغرافي
1. الساحل العربي الأكبر:
يمتد الساحل العربي للخليج من الشمال (البصرة في العراق) إلى مضيق هرمز جنوبًا بطول يفوق 80% من طول الخليج.
تضم الضفة الغربية دولًا عربية ذات امتداد تاريخي وثقافي عميق في المنطقة.
2. إقليم الأحواز العربي المحتل:
إقليم الأحواز (عربستان) يشكل الجزء الشرقي من الخليج العربي، ويمتد على طول الساحل الإيراني الحالي.
هذا الإقليم ذو غالبية عربية، وكان يتمتع بحكم شبه مستقل حتى احتلاله من قبل إيران عام 1925.
الأحواز هو الامتداد الطبيعي للهوية العربية شرق الخليج، ووجوده يؤكد أن العرب سكنوا الضفتين الغربية والشرقية من الخليج.
ثالثًا: التلاعب السياسي في التسمية
التسمية بـ”الخليج الفارسي” انتشرت عبر النفوذ السياسي الإيراني في القرن العشرين، واستُغلت لخدمة مشروع قومي فارسي يهدف لطمس الهوية العربية.
إيران تمارس ضغطًا سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا لتثبيت هذه التسمية، رغم أن الأمم المتحدة نفسها استخدمت مصطلح “الخليج” المحايد في عدة وثائق، وأوصت بتجنب التسمية المثيرة للجدل.
رابعًا: الموقف العربي والإسلامي
جامعة الدول العربية أصدرت عدة بيانات تؤكد تسمية “الخليج العربي”.
أغلب الدول الإسلامية والعربية والمنظمات الإقليمية تستخدم المسمى العربي، بما يعكس الاعتراف الواسع بالهوية العربية للخليج.
خاتمة
الخليج هو عربي بامتياز: لغةً، سكانًا، حضارةً، وتاريخًا. وإن محاولات تحريف اسمه ما هي إلا امتداد لمشروع استعماري ثقافي تسعى من خلاله إيران لإضفاء شرعية تاريخية على نفوذها غير المشروع في المنطقة، خصوصًا في إقليم الأحواز العربي المحتل. وتبقى الحقيقة التاريخية والجغرافية راسخة: هو الخليج العربي، وسيبقى عربيًا رغم كل محاولات التزوير والتحريف.