بقلم : فلاح الزهراني
صعوبة الحديث عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تكمن في العجز عن الوفاء بما يستحق من شكر وعرفان؛ لقاء رؤاه وأفكاره الطموحه ومنجزاته التاريخية- غير المسبوقة- التي لم تقتصر على التطوير والإنشاءات العمرانية والإنماء الاقتصادي، والتطوير الإداري، وتحديث الأنظمة والأجهزة والأتمتة والحكومة الإلكترونية فحسب، بل بما أحدثه من تجديد وتطوير في مسارات الفكر ومجريات الحياة بعامة!
اليوم السادس والعشرون من شهر رمضان الموافق للواحد والعشرين من يونيو 2017 صنع فارقاً كبيراً نحو تطور ضخم يسابق الزمن، يحطم حدود التوقعات المألوفة، يجاوز كل المحبطات، يتغلب على كل الصعاب بفكر إبداعي وعبقرية فذة، لم يكن التخطيط وحده كافٍ لخوض تجربة النجاح، بل قيادة المرحلة بتفاصيلها ودقائقها كانت كفيلة ببلوغ الأهداف قبل حلول الأجل المرسوم لتحقيقها!
لقد حلق بنا- رعاه الله- في غضون أعوامٍ قلائل لمصاف العالم الأول بممكنات فائقة، لننازع الدول الكبرى على المكانة والقيادة، لتحتل المملكة العربية السعودية الصدارة في الريادة والتنمية والاستدامة، حتى أصبحت مثلاً أعلى في تسارع وتيرة النمو الاقتصادي، والتقدم الحضاري، والتنموي بعامة، تحظى بموثوقية عالية في الحوكمة والشفافية والمحاسبة، لتصبح وجهة استثمارية لكبريات الشركات العالمية، بما تتمتع به من ملاءة وبيئة ملائمة مدعومة بتشريعات وتسهيلات وتفنيات عالية، ومنافذ بيع وتصدير تساعد على التسويق المحلي والعالمي، كما أن للموقع والمكانة دور محوري في الجذب الاقتصادي والصناعي، إضافةً للتنوع والجودة في السلع والمنتجات، لتكون مركز توزيع بصفتها المركز والقلب النابض للعالم أجمع.
لقد فتحت الرؤية المباركة آفاقاً واسعة لفرصٍ وتوجهات ومشاريع لم تكن في دائرة الضوء من قبل، بل إن بعضا منها كان محتكرًا بعلامات تجارية ترتبط بذات المصدر، ليكسر الأمير الشاب بنظره الثاقب وفكره المستنير وعزمه الأكيد وطموحه الكبير تلك الصبغة التي هيمنت على العقول قبل الإمكانات، لتأتي كفرصٍ طوعيةٍ تعانق الوطن بخيوطٍ من حرير تتدلى عطاء ورافدا اقتصادياً مجديًا، تسهم في التوطين والتدريب لأبناء الوطن، ولتصطف مع غيرها في تنمية شاملة تتجاوز الاكتفاء إلى الوفرة، لتمنح مجالاً أرحب للاستمتاع ورفاه العيش وجودة الحياة.
وكما حرص- حفظه الله- على تطوير الصناعات والبنى التحتية والجوانب الخدمية الأخرى، لم يغفل أوجه النشاطات والفعاليات الأجتماعية والثقافية التي تمد جسور التواصل مع العالم الخارجي، كشريان حياة ينبض بالحراك المجتمعي التفاعلي، لتبرز عندئذٍ البرامج الثقافية والترفيهية، والمنافسات والمسابقات الدينية في حفظ القرآن الكريم، والحديث الشريف أو الأدبية بفروعها وفنونها، أو السباقات المختلفة، ومنها ( الفورمولا) والمعارض الدولية( إكسبو) والمونديالات العالمية( كأس العالم) وغيرها- بنصيب وافر إذ تعد جزءاً من الحراك الحياتي المعاصر.
لقد تحقق- بفضل الله- في هذا العهد الميمون لمولاي خادم الحرمين الشريفين وبمتابعة حثيثة وتوجيه كريم من سيدي سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء- مشاريع عملاقة، وإنشاءات ضخمة، بين مدن تتوسع أو تتحدث لتنفض غبار التقادم، وأخرى تنشأ؛ صناعية واقتصادية وصحية وترفيهية بحجم دول في ضخامتها ونتاجها وعوائدها، لتكون رافداً تنموياً واقتصاديا وحياتيا تضيف قيمة كبيرة في النمو والتطور، ومصدراً ثرياً اعتمادياً من خلال البرامج التي حققت نجاحات متسارعة ومبهرةً؛ في إطار التحول والتنوع الاقتصادي المستدام، الذي لم يعد فيه البترول المصدر الأساس، بل كعامل مساعد وداعم لاقتصاد الوطن؛ بالنظر للتحديات التي تتناوش أسواقه بما فيها من مخاطر جو سياسية أو هزات اقتصادية.
إنه ليصعب متابعة أو تعداد وحصر المشاريع القائمة أو التي تنشأ يوماً بعد يوم على أمتداد جغرافية المملكة أو ملاحقة أرقام المنجزات التي تضاف لقائمة الشرف في هذا العهد الزاهر، ذلك لضخامتها، ولنموها المتسارع وإتساع رقعة انتشارها؛ لتشمل الوطن بتنوع تضاريسه وتلبية متطلباته؛ المدن والقرى، السواحل والمرتفعات، المناطق الزراعية والتعدينية، الصناعية والثروات الطبيعية، ليصبح من الصعوبة بمكان في ظل هذا الزخم التنبؤ بما سيعلن عنه أو سيكون غداً!
وإننا في المملكة العربية السعودية نعيش- بفضل الله- في وطن الأمن والأمان، بلاد الحرمين الشريفين، بقعة مباركة من ربٍ رحيم، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت : 67]
في الوقت الذي يعيش فيه غيرنا انعدام الأمن أو انفصام عرى الوطنية وضياع الهوية.
وإنها لنعمة عظيمة ومنّة ربانية أن جعلنا مسلمين مؤمنين نتمتع باستقلالية عقدية وفكرية تربأ بنا عن التبعية المضلة أو الانتماءات المذهبية أو الولاءات الخارجية، وهذا ما حقق لنا منعةً وحصانةً ووعي مكين جعلنا على قلب رجلٍ واحد؛ جسداً متماسكاً ولحمة لا تنفصم، نفاخر بقيادتنا، نعتز بوطنيتنا، بتمسك بهويتنا، نقف كالجبال صموداً وشموخاً، لا تهزنا الأهواء ولا تخدعنا الشعارات، نصطف خلف راية ولي أمرنا، ولاء وانتماء، حباً ووفاء لقيادتنا!!
إن النعم تقيد بالشكر،( ولئن شكرتم لأزيدنكم)، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وهذا ما يدفعنا لأن نستشعر ما تقوم به القيادة من جهود جبارة؛ ليس على الصعيد المحلي وحسب، بل على المستوى العالمي في ظل التصارعات والحروب الناشئة، والتي تلقي بظلالها على الساحة الأقليمية بصفة خاصة، مما يجعل للدبلوماسية السعودية دور رئيس في تخفيف وطأة تلك التداعيات والحد من انعكاساتها المدمرة.
وإنها لنعمة عظيمة أن هيأ لنا قيادة حكيمة ترعى شؤوننا؛ وتحرص على مصالحنا؛ حفظا لوطننا، وصوناً لمقدساتنا، ودفاعاً عن أرواحنا، فيما نرفل- نحن- في عيش رغيد وراحة بال وسلام وأمان!
اللهم ما بنا من نعمةٍ فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر!!
( رب اجعل هذا بلدا آمنًا)