الرئيسية مقالات شكرًا جمعية الأدب ألَقُ الناياتِ في هيلا

شكرًا جمعية الأدب ألَقُ الناياتِ في هيلا

355
0

 

محمد الرياني

…ولقد كبرتُ واستوطنَ العمرُ ذاكرتي ولم يبرح ، كلُّ التفاصيلِ تتوالد بحلوها ومرها ، في الصباح تخرج الشمسُ من جديدٍ وكأنها ليستْ هي التي غربتْ أمس بعد أن عمَّرتْ في يومٍ واحدٍ لتعودَ حسناءَ في يومٍ جديد ، غيرَ أن ذاكرةَ السنين تلفظ ذكرياتي ، نسيتُ ماذا تناولتُ في عشاء أمسي وأنا جالسٌ على مائدةِ إفطارِ الصباح .

ما أروعَ الصباح الذي تحضر فيه الشمسُ لتعيشَ يومًا جديدًا بلا منغصاتٍ أو ذكرياتٍ موحشة من أجزاء العمر المنصرم !

تتبادرُ أسئلةٌ وتتقافزُ كي تلوي أذرعةَ الإجابةِ وتكتبَ على صفحةِ الصباحِ مايروقُ على الرغمِ من حالةِ النسيانِ وطوفانِ العمر .

في مساءٍ رائع ، كنتُ في مقهى (هيلا ) وضعوا أمامي ناياتِ الشجن لأعزفَ لحنَ الذكريات ، لحنَ الخلود ، حملتُ أسفاري معي كي أسلبَ منها نوتاتِ العزفِ والألحان ، لا أريد لجمهوري أن يخرجَ حزينًا أو شاحبَ الوجهِ في مساءٍ يجلبُ السَّعدَ والسعادة ، لم أخيِّب رجاءَ الملامحِ أمامي وهي تستمطرُ الذاكرةَ المشبعةَ بالغيوم في ليلٍ فاتن ، في القاعةِ تحاصرني ( فاطمة محنشي ) بأسئلة باذخة الجمال ، تريد للنايات أن تعزفً أعذب الألحان ، وللحاضرين أن يستمتعوا بجوٍّ مذهلٍ بين هتَّانِ الكتابةِ وروعةِ البحرِ القريب ، مضى الوقتُ سريعًا والمفرداتُ حيرى لا تكاد تمسكُ نفسَها من فرطِ الجمال ، حالاتٌ من الارتباكِ تبدو على روعةِ المفرداتِ أشبهَ بعروسٍ خجول في مساءِ عرسها ، تحوَّلَ المساءُ في مقهى (هيلا) إلى احتفالٍ رائعٍ تعددتْ فيه لغةُ الناياتِ وتألقتْ ألقًا يليقُ بمساءِ صيفٍ تاريخي.

وضعوا في يدي شهادةَ ذكرى ، كنتُ في غايةِ السعادةِ والابتهاج ، احتفظتُ بأسئلةِ فاطمة محنشي والمداخلاتِ الفاخرة ، ونقشتُ في ذاكرتي صورَ كلِّ الوجوهِ التي أحاطتِ الناياتِ بصورِها الجميلة ، غادرتُ ( هيلا) وصوتُ الناياتِ وملامحُ الحضورِ معي من أجلِ مساءٍ آخر يسكبُ في سكَنِ العمرِ تفاصيلَ أخرى .