من إعداد: سمير تلايلف
المخرج الجزائري جابر ذياب بكل محبة أهلا بك معنا، بداية لو تخبرنا عنك وعن أعمالك؟
جابر ذياب: أهلا وسهلا، وسعيد بهذا الحوار معك أخي سمير، جابر ذياب مخرج سينمائي وتلفزيوني ومصمم جرافيك وثلاثي الأبعاد، لدي خبرة لسنوات طويلة، لي أعمال كثيرة في مختلف التوجهات، من بينها أعمال رمضانية سابقة، منها سلسلة «الصابر ينال» الجزء الأول والثاني، وبرامج تلفزيونية ناجحة من بينها برنامج «نسمات ربانية» الذي صورناه في ماليزيا، وبرنامج my family.
بالنسبة للأفلام السينمائية، أخرجت مؤخرا فيلمن هما: فيلم «صرخة صمت»، وفيلم «لعنة الدم»، ولدي أفلام سابقا أنتجت في سنوات 2006م و2009م و2012م، مثل فيلم «الرواق»، وفيلم «لحظات مائلة»، وفيلم «واش اداك».
كما عملت على تصميم العديد من الموشن جرافيك لقنوات جزائرية وقنوات أجنبية.
أما بالنسبة للوثائقيات، فعملت على وثائقيات لقناة الجزيرة، ومؤخرا انهيت فيلم وثائقي بعنوان «الرحابة» لصالح قناة العربية.
أيهما تفضل: إخراج الفيلم الطويل أم الفيلم القصير؟
جابر ذياب: بالنسبة لي لا فرق من الناحية التقنية، ولكن من الناحية الزمنية الفيلم الطويل يأخذ وقت أطول وجهد أكبر
تحصل فيلمك «صرخة صمت» على جوائز في مهرجانات، ما أهمية التتويج في الترويج للفيلم وللمخرج معا؟
جابر ذياب: المهرجانات هي مرحلة من مراحل صناعة الفيلم حتى تقيم مجهودك ومجهود فريقك من التقنيين والفنيين، التتويج طبعا يحفز نحو النظر إلى الأمام ولكن أهم شيء بالنسبة لي وهو أهم من التتويج، هي المشاركة ولقاء الفنانين والزملاء والتعرف عليهم اكثر وتقريب المسافات.
نتحدث عن واقع السينما الجزائرية، هل هي بحاجة إلى: إنتاج أفلام جيدة، أم إلى إقامة وتأسيس مهرجانات، أم إلى فتح وترميم القاعات، من أجل النهوض بها؟
جابر ذياب: طبعًا، هي دورة حياة السينما التي تبدأ من مرحلة الإنتاج وجودته، لكن قبل الوصول إلى المهرجانات تأتي مرحلة قاعات العرض السينمائي. فالمرحلة التي مرت بها الجزائر، وما شهدته من تهميش لهذا الصرح الحيوي، أدت إلى ترك فراغ رهيب وعزل السينما عن جمهورها الطبيعي. بعد ذلك يأتي دور المهرجانات، التي تتطلب تكثيف الجهود بشكل أكبر من جميع الجهات المعنية. ومن الضروري أن نعمل على خلق اقتصاد بديل يقوم على فتح المجال أمام المستثمرين، مع التركيز على تعزيز وتوزيع الاقتصاد الثقافي بشكل أكثر فاعلية واستدامة.
نلاحظ دخول بعض المشاهد الجريئة في أفلامنا السينمائية والكلام الفاحش كذلك، كمشاهد القبل والمشاهد الحميمية، ماذا تقول في هذا الخصوص؟
جابر ذياب: بطبيعة الحال، أنا ضد إدخال هذه المشاهد في أفلامنا، لأنني أعتبرها تشويشًا بصريًا وانحرافًا عن الجوهر الفني الحقيقي للسينما، هي نشاز بصري في نظري . البيئة النفسية والاجتماعية للمتلقي الجزائري والمبنية على مفهوم “الحرمة وما أدراك ما الحرمة” – تجعل من هذه الإقحامات عنصرًا غريبًا عن السياق الثقافي المحلي.
السينما، في نظري، لا تحتاج إلى استنساخ ما يخدش الفطرة الإنسانية أو يثير الصدمة المجانية للمشاهد، بقدر ما تحتاج إلى بناء واقع بصري سليم يخدم الإنسان قبل كل شيء، ويطرح أسئلة عميقة ويولد انفعالات صادقة دون اللجوء إلى الإثارة الفارغة أو المَشاهد المستهلكة التي لا تضيف قيمة درامية حقيقية.
نتحدث الآن عن حالة الفنان الجزائري، بما أنك ابن الوسط، هل لك أن تضعنا في الصورة وتخبرنا عن واقع الفنان الجزائري؟
جابر ذياب: بصراحة، واقع الفنان الجزائري اليوم يبعث على القلق، وما أراه بعيني يوميًا يدق ناقوس الخطر. المشهد الفني يفتقر إلى بيئة مهنية آمنة ومنظمة، وهذا ما يجعل أي فنان مضطرًا للاستعداد نفسيًا وجسديًا للأسوأ في حال غياب الضمانات القانونية والاجتماعية.
ما حدث مؤخرًا مع فنان طالب بحقوقه المالية من جهة الإنتاج والقناة التي بثت العمل ليس حادثة معزولة، بل دليل حيّ على خلل أعمق في المنظومة. وهنا أوجّه رسالتي أولًا إلى زملائي الفنانين: الحذر واجب، خاصة عند التعامل مع بعض القنوات الخاصة التي تفتقر إلى الاحترافية والجدية في احترام العقود والقوانين.
وفي المقابل، أرى أنّ الجهات الوصية مطالبة اليوم قبل الغد بسن قوانين واضحة وصارمة تحفظ حقوق الفنان، وتحسين وضعه الاجتماعي بما يليق بمكانته ودوره في المجتمع. كما أن احترام الفنان لذاته وفرض قيمته المهنية أمر أساسي للارتقاء بهذا المجال.
ألا تعتقد معي أنه آن الأوان لتأسيس نقابة للفنانين تحفظ حقوقهم وتطالب بها إن هضمت؟
جابر ذياب: بكل صراحة، نعم، حان الوقت وأكثر من أي وقت مضى لتأسيس نقابة حقيقية للفنانين، نقابة لها سلطة فعلية وصوت مسموع، لا مجرد هيكل شكلي للتزيين الإعلامي. نحن بحاجة إلى كيان يفرض احترام حقوق الفنانين ويواجه التعسف الذي يتعرضون له، سواء من بعض القنوات الخاصة أو من جهات إنتاجية لا تعترف حتى بأبسط بنود العقود.
غياب النقابة هو السبب في أن الفنان الجزائري اليوم يقاتل منفردًا من أجل حقه، أحيانًا حتى حقه في الاحترام قبل المال. إذا لم نتحرك جميعًا لإيجاد إطار قانوني يحمي المهنة ويضع حدودًا واضحة، فسنظل ندور في نفس الدوامة: ضياع الحقوق، الاستغلال، وانعدام الكرامة المهنية.
باحتكاكك مع الفنانين الشباب، من منهم تراهم نجوم الفترة المقبلة سواء في السينما أم التلفزيون؟
جابر ذياب: بصراحة، هذا سؤال يصعب الإجابة عنه بدقة، لأن اختيار النجم المستقبلي لم يعد اليوم مرتبطًا فقط بعيون المخرج ورؤيته الفنية. هناك تداخل كبير في المهام، وضغوط إنتاجية وتجارية أحيانًا تفرض أسماء بعيدة عن معايير الأداء الحقيقي.
أنا كمخرج، أؤمن بأن النجم يُصنع من خلال نوعية الأدوار وقيمة النص الذي يُقدَّم له، وليس بمجرد الظهور الإعلامي أو الترويج السريع. ورغم كل ذلك، أملك حسًّا فنيًا أستطيع من خلاله أن ألمح مشروع نجم بمجرد مشاهدته على الشاشة، لكن الرهان على إسم محدد في ظل الظروف الحالية.
قدمت عدة ورشات في الإخراج، كيف ترى مستقبل الإخراج مع هؤلاء الشباب الذين يتكوّنون من خلال هذه الورشات؟
جابر ذياب: الورشات حقيقة تصحح بعض المفاهيم، وللعلم من يتقدم للورشة هنا من هم موهوبين ومن هم فضوليين. لكن هناك جيل قادم مرعب حقا مشبع بصريا والفرص متاحة من كل الجوانب للتعلم و البحث. ولهذا تجد بعض الشباب موهوب صدقني قمة الروعة ومتحكم جيدا في أدوات التصوير.
بين هذين المخرجين، أيهما تستفزك أعماله: جعفر قاسم أم يحي مزاحم؟
جابر ذياب: كلاهما له بصمته وحضوره ويختلفان في شيء، جعفر قاسم هادئ جدا ويحي مزاحم حركي ومشاكس، أنا يعجبني هدوء جعفر قاسم ويلفت انتباهي يحي مزاحم.
من وجهة نظري، المقارنة بينهما ليست عادلة، لأن لكل مخرج أدواته ورؤيته الفنية، وأنا أرى أن السينما والتلفزيون بحاجة إلى هذا التنوع في الأساليب، لأنه هو ما يصنع ثراء المشهد الإبداعي ويدفعه للتطور.
ما رأيك في هؤلاء الفنانين:
محمد خساني، نوميديا لزول، مروان ڨروابي، محمد رغيس، نبيل عسلي.
جابر ذياب: سأعيد صياغة سؤالك، لأجيب عن من من هؤلاء تراه في عدسة كاميرتك، أقول لك نبيل عسلي رغم أنه أصبح مستهلك كثيرا.
سأعطيك بطاقة حمراء وأخرى خضراء، وأريد منك توزيعها على فنان معين، ماذا ستختار؟
جابر ذياب: سأبدأ بالخضراء وأمنحها للفنان شاكر بولمدايس، أما الحمراء أعطيها لبعض من يسمونهم بالمؤثرين.
ماهي الأعمال التي تطمح إلى إخراجها مستقبلا؟
جابر ذياب: أنا بصدد تحضير لسلسلة كوميدية لرمضان 2026م، و بحول الله أحضر لفيلم سينمائي طويل، وسيكون لي المسلسل الدرامي لكن خارج السباق الرمضاني.
بعيدا عن الفن وعدسة الكاميرا، من هو جابر دياب الانسان، حدثنا عن حياتك الخاصة؟
جابر ذياب: جابر ذياب متزوج ولديه ولدان، بعد العمل مباشرة أغلق كل شيء وأعيش لحظة بلحظة مع عائلتي الصغيرة، لأنني في الحقيقة الأمر عملي يسرق مني الوقت الكثير لهذا لا تجدني في المحافل والإجتماعات الفارغة والمقاهي، العمل ثم العائلة وفقط.
نحن في فترة عطلة، وبما أننا في موسم الإصطياف ، أين يقضي جابر دياب عطلته، وماهي الشواطئ التي يفضلها؟
جابر ذياب: في الحقيقة، عطلتي لم تبدأ بعد، هذا العام أنا مشغول جدا في التحضيرات وإنهاء الالتزامات السابقة، لكن من الممكن في سبتمبر أمتع نفسي ولو أسبوع في تونس.
قبل أن نختم حوارنا، أترك لك المجال لشكر أشخاص كانوا بمثابة الدعم لك في مشوارك.
جابر ذياب: طبعا، أشكر اولا والداي على صبرهم وأنا بعيد عنهم، وإلى كل أصدقائي الذين هم حقا من اتقاسم معهم كل الكواليس، وعائلتي الصغيرة، كما أشكرك أنت أخي سمير لأنك حافز في مجال يفتقد إلى أمثالك.
المخرج جابر ذياب بكل محبة أقول لك تشرفت بإجراء هذا الحوار معك، وبكل محبة أترك لك المجال لتقول كلمة الختام.
جابر ذياب: حفظك الله وأعلى مقامك، وأنا حقا سعدت بالحديث معك.







