الرئيسية مقالات مع يسين : فيلم الساقية شهادة فيلمية من التحريك الثلاثي

مع يسين : فيلم الساقية شهادة فيلمية من التحريك الثلاثي

309
0
بقلم: يسين بوغازي
فيلم الساقية، ليس مجرد فيلم من التحريك الثلاثي، لكنه شهادة ضمن الشهادات الفيلمية الكثيرة التي ما فتأت السينما الجزائرية تنتجها عن وزارة المجاهدين، شهادات فيلمية راسا عن الفرنسيين المجرمين، عن جرأتهم، وعن التقتيل والجريمة التي تركوها في الذاكرة الشعبية والتاريخية في الجزائر

في الحقيقة، لقد شاهدت الفيلم مرتين في ظرف زمني لم يتجاوز الشهر وأرتأيت مشاركته معكم، لآني أعتقد بأنه يستحق المشاركة، أولى ما شدنيّ الى فيلم انه بدا ليّ من البداية متماسكا، إذ لا تخرج أحداثه عن الفكرة الأم التي رسمها سيناريو الطيب التهامي المتماسك، والذي ضبط توازنات القصة المعروفة تاريخيا عند الجزائريين فغطى الأساسيات التي تحتاجها الحدوثة في مراحل الفيلم الثلاثة
ان رواية الحدث التاريخي سينمائيا من قرية حدودية هي ساقية سيدي يوسف، التي اشتق منها عنوان الفيلم إدلبان الثورة سنة 1958 بالتحريك الثلاثي اظهر جمالية بصرية صادقة تضمن حنين الى الماضي الثوري ربما لان المنتج وزارة المجاهدين او ربما لان صناع الفيلم يسكنهم ذاك الحنين الذي يرفض ان يموت
يبدأ الفيلم بتعريف مكاني من أعلى في روعة صور التحريك وجمالية الطبيعة لتأتي الدقيقة الرابعة، فتدخل الطائرة القتالية السوداء الشاشة وهي تحلق في الأجواء بما تحمله من شرور وموت وجرائم، واعتقد انه مهد سريعا للأحداث بذكاء بصري للإسراع الفهم لما سيحدث على الشاشة ويعطي السيناريو المجال الكافي للطفليين هما عمار الجزائري ومنصف التونسي ويظهرهما بحميمية وبصداقة ومن خلالهما حميمية وصداقة الجزائر وتونس في تعابير فنية وحركية ضمن التحريك الثلاثي زادت من براءة الموقف التمهيدي وقوته.
وسريعا يمضى الفيلم لنكتشف ان اسرة الطفل عمار جاءت للإقامة بالساقية بعدما احرق الفرنسين الدوار وان الام مريضة طريحة الفراش وبتوسع يظهر الحال اليسير جدا بل الفقير للأهالي في ساقية سيدي يوسف تحت سيطرة الجنود الفرنسيين فاسحا المجال للتعريف الاجتماعي والتضامني بين الاسرة الجزائرية و الاسرة التونسية في احلك ظروف التاريخ ، والفيلم عموما بتوفيق سلسل يعطى المشاهد التعريفية المكانية والزمانية الشخوصية للقصة بعدما فسحة الفرح التي اطلقها الطفلين في الدقائق الأولى و التي يبدو انها لن تدوم فالقادم الى الساقية القنابل والحرق والقتل الجماعي بعدما اندلعت في الارجاء القريبة معركة كلفت الغزاة الفرنسيين قتلى مما يوحي بهول المجزرة التي تنتظر الأهالي بالساقية وهذا ما ترويه الدقائق المتبقية من عمر الفيلم عن دماء الشعبين العربين المناضلين ضد الاستعمار الفرنسي ، ورغم ان القصة معروفة لكن شذنيّ الراوي بصوته الجهوري المرزين وقد جاء مناسبا لروي الجرح ، فلا يمكن إلا أن تكون جهورا ورزينا وأنت تروى حرق وقصف النساء والأطفال في ساقية سيدي يوسف التي لن ينساها التاريخ ، فالفيلم شهادة فيلمية .
ما شد انتباهي أيضا انطلاق صناع الفيلم بحرية في صناعة المشاعر والشخوص وإعطاء اللحظات التاريخية ضمن المشاهدة الدرامية حقها إلى مداها وفق رؤية السيناريو السلسلة مما جعل الفيلم كله على الشاشة يتقدم إلى الهدف بسلاسة أيضا ومشاهد وصور اقتصادية راع فيها الفيلم ومخرجه الأساسيات في إيصال الحدوثة دون تقصير ولا إطناب، فانساب الفيلم على الشاشة كعجينة بيدي منصف وعمار ، ثم لتتجه الحدوثة كلها نحو الحدث الدرامي الكبير وهو الجريمة الفرنسية المرتكبة ضد الشعبين ، كان ذلك سنة 1958 وسماها التاريخ بساقية سيدي يوسف.