الرئيسية مقالات ما أقسى القلب إذا قسا

ما أقسى القلب إذا قسا

250
0

 الباحة _ خضران الزهراني   

في زحام العلاقات، وتفاصيل الحياة اليومية، يظلّ القلب هو المأوى الأخير للدفء، والملاذ الأصدق للمشاعر. لكن… ماذا لو قسا؟ ماذا لو تحوّل من حضنٍ آمن إلى جدارٍ بارد لا يردّ السلام، ولا يلتفت للخسائر؟

قسوة القلب لا تُقاس بالصوت العالي، ولا بالكلمات الجارحة. إنها أعمق من ذلك بكثير.

إنها حين تبتعد بلا سبب، وتصمت في ذروة الحاجة، وتغلق أبوابها دون إنذار، وتبخل حتى بتفسير الرحيل.

ما أقسى القلب إذا قسا.

حين يتجاهل، وهو يعلم أنه يُوجع.

حين يرى الانكسار، ولا يحرّك فيه ساكنًا.

حين يتنفس أنفاس البُعد، وكأن القُرب ما كان يومًا شيئًا ذا قيمة.

القلب القاسي لا يولد هكذا.

إنه غالبًا ما كان قلبًا طيبًا، أعطى أكثر مما ينبغي، حتى استُنزف.

لكنه اختار الطريق الخطأ للنجاة: القسوة بدل التوازن، التجاهل بدل المواجهة، والانسحاب بدل المصارحة.

والمؤلم في قسوة القلب، أنها لا تقتل مباشرة، بل تترك الآخر يتآكل بصمت؛

يتساءل: ماذا فعل؟

ثم يلوم نفسه ألف مرة، قبل أن يدرك… أن بعض القلوب، مهما أحببناها، لا تعرف كيف تُحب.

لكن،

رغم كل هذا،

لا يزال في الطيبة شجاعة، وفي الرحمة قوة،

وفي الحنان بقايا إنسانية لا تليق أن تُدفن تحت رماد الجفاء.

فليت القلوب لا تقسو…

وإن قَسَت، فلتتذكّر أن البرودة لا تُبقي أحدًا، وأن أبسط المشاعر قد تُحيي ما مات فيها.

بيت الختام الشعري:

وما أقسى جرحٍ من حبيبٍ تغيّر،

إذا لان صوتك… قلبه ما تذكّر.