بقلم _ حمد العائشي
حين التقت الجِمال بالطائرات…
مشهد من مطار جازان في الخمسينات بقلم: عادل عبدالله باحشوان في خمسينات القرن الماضي،
لم يكن مطار جازان أكثر من أرضٍ منبسطة تحفها الرمال والتلال، تطأها الجِمال في الصباح، وتهبط عليها الطائرات عند الظهيرة، وسط دهشة لم تكن تخلو من وقار الصحراء.
كنت صغيرًا حينها، وكنت أسمع كثيرًا من القصص من أولئك الذين حملوا الملح والحطب على ظهور الجمال، يعبرون من وسط المطار متجهين إلى حي “الحمّالة”، في مشهد لا يمكن نسيانه. الجمل كان يسير بجانبه الطائرة… بل أحيانًا أمامها.
وإذا ما أقلعت الطائرة أو هبطت، كانوا يزيحون الجِمال جانبًا، ثم يعودون لمسارهم وكأن شيئًا لم يكن. لكن ليس كل هبوط كان سلسًا. حدثوني كثيرًا، وسمعت بأذني، عن طائرات كانت تغرز في رمال المطار، ويهرع الرجال من أهل جيزان، شبابًا وشيبًا، ليدفعوا الحديد المجنّح بأيديهم…
كأنهم يدفعون الأمل من رماله نحو سمائه. هكذا كانت جيزان… مدينةٌ لا تندهش من التقدّم، بل تتعامل معه كما تتعامل مع صباحاتها. وهكذا كان مطار جازان… مرآة لعالمٍ يتغيّر، تسير فيه الجِمال بجانب الطائرات، ويغرز الحديد، فينقذه الإنسان البسيط، لا خبير ولا مهندس، بل ابن الأرض. إنها حكاية حقيقية، كتبت.






