بقلم: د. نوفا الحمدي
رئيسة مجلس إدارة جمعية التغذية العلاجية بجازان
في زمن تتسارع فيه التحديات وتتعدد فيه الطموحات، يبرز دور القائد الناجح باعتباره حجر الأساس في المحافظة على وحدة الكيان وبناء روح الفريق الواحد. فنجاح أي مؤسسة – سواء كانت جمعية، فريقًا تطوعيًا، أو حتى كيانًا وطنيًا – لا يقاس فقط بما تحققه من إنجازات، بل بما تتمتع به من تماسك داخلي وصلابة في مواجهة محاولات التشتيت.
القائد الحقيقي هو من يدرك أن الانقسام أكبر تهديد لأي عمل جماعي، وأن أي تساهل مع مظاهر الخلاف أو محاولات بث الفُرقة قد يتحول إلى ثغرة تتسلل منها التحديات وتضعف المنجزات. لذلك، فهو دائم اليقظة، حريص على سد الثغرات قبل أن تتسع، وقطع الطريق أمام أي محاولة تهدف إلى إضعاف روح الجماعة أو تفريق الصف.
وإذا كان لكل مؤسسة رسالتها، فإن أعظم رسالة يحملها القائد الناجح هي أن يظل ضامنًا للوحدة، راعيًا للعدل بين أفراد فريقه، محتويًا للطاقات، ومانحًا لكل فرد فرصة ليكون شريكًا في النجاح. إنه لا يسمح أن يطغى اسم على آخر، ولا أن تُستغل الجهود لأغراض شخصية، بل يجعل الإنجاز عنوانًا واحدًا يرفرف على الجميع.
كما أن القيادة لا تعني الحزم وحده، بل تعني أيضًا القدرة على الاحتواء، وحماية أفراد الفريق من أي شعور بالخذلان أو التهميش. القائد الناجح يجمع بين الحزم والرحمة، بين وضوح القرارات ورقي الخطاب، وبين الدفاع عن الكيان واحتضان أفراده.
لقد أثبتت التجارب أن المؤسسات القوية هي التي حافظ قادتها على وحدتها الداخلية، فلم يتركوا مجالًا للشوشرات أو الدسائس، ولم يتهاونوا مع أي تصرف يهدف إلى تشتيت الكيان. ففي ظل قيادة واعية، يصبح الفريق أكثر قوة، وأكثر عطاءً، وأكثر قدرة على خدمة المجتمع وتحقيق رسالته.
إننا بحاجة اليوم إلى أن نستلهم هذا النموذج القيادي، وأن نرسخ في أذهاننا أن الكيان فوق الأشخاص، وأن روح الفريق الواحد هي أعظم رصيد يمكن أن نحافظ عليه. فبالوحدة تُصنع الإنجازات، وبالتماسك تتحقق الرؤى، وبالإخلاص تتجسد رسالة القائد الناجح.
والله ولي التوفيق.






