الرئيسية أخبار محلية دور الضيافة في بر جدة  نماذج ملهمة في صناعة الأثر المجتمعي المستدام

دور الضيافة في بر جدة  نماذج ملهمة في صناعة الأثر المجتمعي المستدام

21
0

 

عبد القادر عوض رضوان/ جدة

أولت جمعية البر بجدة عناية خاصة للأيتام القاطنين في دور الضيافة التابعة لها، وأخذت هذه العناية منحى خاصاً بعد أن أطلقت الجمعية خطتها الاستراتيجية الجديدة للأعوام (2024- 2027م) التي حددت من خلالها رؤيتها الريادية في (صناعة الأثر المجتمعي المستدام)، منطلقة منها نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية في محاورها: الاجتماعي، والتنموي، والتطويري، والصحي.

وتعمل الجمعية ممثلة بإدارة دور الضيافة والرعاية الاجتماعية على تمكين الأيتام من أبناء الجمعية من الجنسين، من خلال تهيئة البيئة الحاضنة لهم، المحفزة على الإبداع والابتكار والتميز، والتفكير الإيجابي، وبناء المستقبل الذي يعزز أدوارهم في البناء التنموي.

ولأن الجمعية تؤمن أن التمكين لا ينطلق إلا من خلال بيئة سليمة، فقد حرصت على تقديم كافة أشكال الرعاية لأبنائها الأيتام داخل دور الضيافة: (دار الشربتلي، وضيافة الصفا، وشقق رجال المستقبل)، والتي شملت الرعاية التعليمية والصحية والنفسية والاجتماعية والترفيهية وغيرها من أنماط الرعاية التي تساهم في بناء الشخصية المتزنة لليتيم، ودمجه في المنظومة المجتمعية بما يساهم في استقراره العاطفي والسلوكي والانفعالي، الى جانب غرس أطياف من الأبعاد الأخلاقية المستمدة من ديننا الحنيف بهدف إيقاظ الوازع الديني لدى الأبناء الذي يساهم في ضبط سلوكهم ذاتياً.

كما حرصت الجمعية على استنهاض همم هؤلاء الأبناء وتحفيزهم وتنمية قدراتهم واحتضان مواهبهم لينطلقوا من خلالها الى عالم المستقبل، أفراداً فاعلين تصب عطاءاتهم في بوتقة التنمية، وليكونوا جزءاً من مرتكزاتها التي تدفع عجلة النمو والازدهار بالمملكة.

قياس الأثر و”العائد على الاستثمار الاجتماعي”

يقول الرئيس التنفيذي للجمعية م. محي الدين حكمي: “إن تجارب جمعية البر بجدة في رعاية الأيتام مليئة بالقصص الملهمة التي تشخص واقع النجاح الذي حققه هؤلاء الأيتام والذي يعكس رؤية الجمعية في صناعة الأثر المستدام.

وقد أثبت ذلك تلكم الدراسة (التقريرية) التي نفذتها الجمعية بالتعاون مع شركة استدامة على مشروعي الغسيل الكلوي ودور الضيافة لقياس أثر هذين المشروعين وفق منهجية (العائد على الاستثمار الاجتماعي) SROI، عن الفترة من(2020- 2023م) بهدف وضع خط أساس لخطتها الاستراتيجية التي انطلقت منذ بداية العام 2024م، حيث أثبتت الدراسة بالتحليل المالي أن كل ريال أنفقته الجمعية لعلاج مرضى الغسيل الكلوي كان عائده الاجتماعي يعادل 2.02 ريال، وأن كل ريال تم إنفاقه على دور الضيافة كان عائده نحو 1.3 ريال”.

وأضاف الحكمي:” لقد اتضحت قيمة هذا الأثر –وفق الدراسة- من خلال النتائج الايجابية التي تم قياسها عبر استطلاعات للرأي أكدت حجم التغير النفسي والسلوكي والصحي الذي ساهم في صناعة جودة الحياة لتلك الفئات وزيادة انتاجيتهم، مع تأثير ذلك في تعزيز السلم الاجتماعي وغرس قيم التراحم والتكافل، وتعزيز الولاء والانتماء، وتلاشي تداعيات الجوع العاطفي وتحديات العزلة الاجتماعية التي يمكن أن يتعرضوا لها لو لم يتم احتضانهم ورعايتهم” .

ثنائية التمكين وجودة الحياة

من جانبه أكد مدير إدارة دور الضيافة والرعاية الاجتماعية بجمعية البر بجدة الأستاذ عبد الرحمن ضيف الله الزهراني أن “إدارة دور الضيافة في جمعية البر بجدة قدمت حزمة من البرامج والأنشطة التي تساهم في تحقيق أهداف الجمعية في تمكين هؤلاء الأبناء، مستفيدةً من شراكاتها مع قطاع الأعمال وباقي القطاعات المجتمعية لتعزيز البيئة الحاضنة لإعداد أبناء المستقبل المتسلحين بالعلم ومنظومة القيم الاجتماعية، فنظمت إدارة الدُّور العديد من الدورات التدريبية والتأهيلية وورش العمل التي تثري الوعي والفكر المعرفي والتثقيفي لدى هؤلاء الأبناء وتساهم في تعزيز الانتماء لديهم وتعميق الولاء بما يجعلهم أعضاء فاعلين في المنظومة المجتمعية”.

ويضيف الزهراني: “يمثل مفهوم صناعة جودة الحياة وتعزيز الصحة العامة أحد المرتكزات التي تستهدفها الجمعية في رعاية أبنائها انطلاقاً من رؤية المملكة 2030، لذا حرصت الجمعية على أن تنهض بمسؤولياتها في هذا الجانب، فشجعت حضور الأبناء للمناسبات الرياضية التي يتم تنظيمها بالمملكة أو خارجها، إلى جانب دعم استضافة دار الشربتلي لعدد من التصفيات الكروية لمراكز الأحياء التي شارك فيها الأبناء بفاعلية، كما نظمت إدارة الدور العديد من الرحلات الترفيهية للأبناء الى مختلف مناطق المملكة وخارجها، سعياً منها الى غرس الاستقرار العاطفي بينهم، ومساعدتهم في بناء الشخصية المتزنة المتفاعلة مع المنظومة الاجتماعية.

فضلاً عن تقديم الرعاية الصحية الكاملة لهم والعمل على حمايتهم من السقوط في مستنقعات الإدمان والانحرافات السلوكية من خلال برامج توعوية مكثفة واستشارات نوعية في المجالات النفسية تم تقديمها في مقر الدور وخارجها، وساهمت في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي للأيتام وتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم، مع فتح المجال لهم للمشاركة في المبادرات التطوعية التوعوية التي تنفذها الجمعية في الأسواق التجارية والمنظمات الكبرى، إضافة الى مشاركتهم في فعاليات المشي التي تعزز صحتهم، مما ساهم في مد جسور الثقة بينهم وبين محيطهم الخارجي بعد أن قدموا نموذجاً ملهماً في العمل الإنساني الذي يعكس روح العطاء لديهم”.

إنجازات تعليمية

لقد جاءت هذه الحراكات النوعية في دور الضيافة انطلاقاً من إيمان مسؤولي الجمعية بأن العلاقات الاجتماعية والدعم والرعاية المستمرين الى جانب الإثراء التعليمي والتثقيفي والنفسي والترفيهي هي من مرتكزات صناعة جودة الحياة والارتقاء بالأنماط المعيشية التي تزيد من تماسك المجتمع وتقلل من الاضطرابات الاجتماعية.

وامتداداً لذلك، دعمت الجمعية مشروع الأبناء التعليمي والسكني، بدءاً من المراحل الدراسية الثلاث الأولى، وصولاً إلى المرحلة الجامعية والدراسات العليا، وقد أثبت الأبناء قدراتهم الاستثنائية من خلال حصولهم على أعلى الدرجات العلمية، حيث بلغ عدد الأبناء الذين حصلوا على شهادات عليا 192 ابناً وابنة، منهم (19) حصلوا على درجة الماجستير، و (160) حصلوا على درجة البكالوريوس، و (13) حصلوا على الدبلوم فيما بلغ عدد الأبناء المبتعثين 29 من الجنسين.

مشروع سكن اليتيمات

كما دعمت الجمعية مشروع سكن اليتيمات (الموظفات) بالشراكة مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والذي تحصل اليتيمة بموجبه على شقة مستقلة قيمتها 500 ألف ريال وفق ضوابط وشروط تم وضعها للمساهمة في استقرار هؤلاء اليتيمات.

قصص نجاح ملهمة

لقد سجل الأيتام العديد من قصص النجاح الأخرى التي تتناغم مع حجم الرعاية التي يحظون بها من دور الضيافة، ومن ذلك:

حصول الابن حسن الحضريتي على (3) ميداليات ذهبية وواحدة فضية في بطولة رفع الأثقال بالأولمبياد الخاص في أبو ظبي.

وحصول الابن وليد عبد الله على منصب قيادي في إحدى الشركات.

ونجاح الابن راكان عبد العزيز في إصدار كتابه المتميز والذي جاء تحت عنوان (تنوير).

وما زالت جمعية البر بجدة ماضية في جهودها لدعم هؤلاء الأبناء من الجنسين في ظل خبراتها التراكمية في رعاية الأيتام، حيث احتضنت في دور الضيافة أكثر من 1200 يتيم، فيما بلغ عدد الأيتام الذين كفلتهم الجمعية لدى أسرهم أكثر من 14 ألف يتيم، لتقدم من خلال ذلك نموذجاً ملهماً في العمل الاجتماعي الذي يصب في مسارات التنمية، ويتواكب مع رؤية المملكة الطموحة في بناء مستقبل مزدهر ومستدام لأبناء المملكة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا