مزنة بنت سعيد البلوشية
سلطنة عمان/صدى نيوز إس
جناحُ الأمنياتِ يولدُ من نبضِ الانتظار،
ويحلقُ حين نؤمنُ أنَّ للغدِ موعدًا معنا.
نوارسُ الأملِ تحملُ أمنياتِنا على أجنحتِها،
وتشقُّ بها أفقًا أزرقَ لا يعرفُ الانكسار.
كلُّ أمنيةٍ ريشةٌ بيضاءُ في صدرِ الريح،
وكلُّ دعاءٍ موجةٌ تُعلّمُ البحرَ الصبر.
نمضي، وقلوبُنا مرافئُ مفتوحةٌ للضوء،
لا تُغلقُها عواصفُ الخيبةِ ولا تعبُ المسافات.
إذا أثقلَ الحلمُ جناحَه، شددناهُ باليقين،
وتركنا للخوفِ أن يتعبَ وحدَه.
ففي التحليقِ خلاصٌ، وفي الرجاء حياة،
وعلى جناحِ الأمنياتِ نصلُ… ولو بعد حين.على جناحِ الأمنياتِ لا نمضي خفافًا كما يظنّ العابرون،
بل نمضي محمّلين بندوب الانتظار،
مثقلين بأسئلةٍ لم تجد جوابًا،
ومع ذلك… نمضي.
جناحُ الأمنياتِ لا يولدُ صدفة،
إنه يُفصَّل من صبرٍ طويل،
ويُخاطُ بخيوط الخيبة حين لا نجد بديلًا عن الرجاء.
لا يُحلّق من جرّب مرةً أو اثنتين،
بل من سقط مرارًا
وتعلّم أن الأرض ليست نهاية الرحلة.
ننتظر…
والانتظار ليس فراغًا كما يعتقدون،
إنه امتحانٌ صامت،
تقف فيه القلوب عارية أمام ذاتها،
إما أن تصدّق الغد
أو تنكسر في منتصف الطريق.
نؤمن، لا لأن الطريق واضح،
بل لأن الظلام لا يملك حجة كافية ليقنعنا بالاستسلام.
نؤمن لأن في داخلنا شيئًا عنيدًا
يرفض أن تكون الحكاية ناقصة.
نوارس الأمل لا تأتي من فراغ،
إنها تولد فوق بحارٍ عرفت الغرق،
وتحمل الأمنيات لا لأنها خفيفة،
بل لأنها تعلّمت كيف توازن ثقلها في الهواء.
تشق الأفق، لا لتستعرض جمال الطيران،
بل لتثبت أن السماء لا تُغلق أبوابها في وجه من يصرّ.
كل أمنيةٍ ريشة،
لكنها ليست بيضاء دائمًا؛
بعضها ملوّن بالخذلان،
وبعضها مثقوب بتجارب قاسية،
ومع ذلك… تظل صالحة للتحليق.
كل دعاءٍ موجة،
لا تضرب البحر عبثًا،
بل تذكّره أن الصبر ليس سكونًا،
وأن الانتظار حركة بطيئة
لا يراها المستعجلون.
نمضي،
وقلوبنا مرافئ لا تحسن الإغلاق،
تستقبل الضوء حتى وهو شحيح،
وتترك للألم أن يمرّ
دون أن تمنحه حق الإقامة.
تأتينا عواصف الخيبة،
لا لنكسر أشرعتنا،
بل لنختبر صلابتها.
يأتي التعب،
لا ليوقفنا،
بل ليذكّرنا أننا بشر
نحلم رغم الإرهاق.
وحين يثقل الحلم جناحه،
لا نلقيه،
ولا نتبرأ منه،
نشدّه باليقين،
نربطه بإيمانٍ خفي
لا يراه أحد
لكنه يفعل المعجزات.
نترك الخوف خلفنا،
لا لأننا شجعان دائمًا،
بل لأننا سئمنا حمله.
ليتعب وحده،
فنحن أنهكنا بما فيه الكفاية.
في التحليق خلاص،
ليس لأننا نصل سريعًا،
بل لأننا نرفض أن نزحف.
وفي الرجاء حياة،
حتى لو طال الطريق،
حتى لو تأخر الموعد،
حتى لو خذلتنا التوقيتات كلها.
على جناح الأمنيات نصل…
لا كما خططنا،
ولا كما تمنّينا،
بل كما كُتب لنا أن نصل:
أقوى،
أصدق،
وأكثر فهمًا لمعنى الانتظار.
ولو بعد حين…
فبعض الوصول
يستحق أن ننتظره عمرًا.






