مرشدة يوسف فلمبان
الحياة ومضة في محطات العمر.. لحظات في عمر الزمن.
آه أيها الزمن.. نحن وتوقيت الأقدار المجهول في قوافل الأحداث..
آهات الحزن منحوتة في قاع النفس الحزينة تحاصرها وتكبلها..
هي في لحظات ما تضخم في خافقها شعور بالإنقباض.. إحساس مؤلم ينهش تفكيرها.. تتبعثر مشاعرها في موجة ألم.. صفعتها الأحداث بلا رحمة..
هي حكاية طفلة مدللة في حضن والدها. فراشة مرحة تتجول بين الأزاهير فرحََا بإشراقة نور الحياة. نبضة في قلب أبيها.. وانتعاشة روحه.. أمنياتها قطوف دانية بين يديها.. كبرت أمام ناظريه وكبر حبه لها..
هي دولة عشقه.. ومرفأ وطنه.. ظلت في خيمة طفولتها وصباها سعيدة مفتونة بوجوده واحتوائه.. ولكن آه من غدر الأيام.. وعمر السعادة قصير.
في ليلة معتمة شعرت بضيق يلامس إحساسها.. ويذبح صدرها.. قرأت شيئََا من آيات الله ليطمئن قلبها وغرقت في سبات عميق.. استفاقت على كابوس مرعب أجج سكينتها.. دك حصون خلجاتها.. خنق أنفاسها وكانت المفاجأة المريعة خبرََا وقع على خافقها كهزيم الرعد شق قلبهاالحدث الذي قض مضجعها.. ولوث سكينتها
تلقت نبأ وفاة حبها الأول.. حب عمرها والدها مزق أشلاءها
مضت إلى حيث هو مسجى على خشبة حدباء تطبع على جبينه قبلات الوداع وتناظر ملامحه المتعبة من خلال أمواج الدموع.. حملوه.. ولكنها مزقت ستائر الصمت المهيب / مهلََا دعوني أراه مجددََا نظرة أخيرة.. بابا.. بابا.. فلم يبال أحد بندائها الجريح.. ذهبوا به إلى دار القرار.. ودموعها تغرق مقلتيها..
بات المكان خاويََا إلا من بكاء الأحبة ودعواتهم.
مضت بها قافلة الأحزان لرحيل أعز إنسان.. وسلسلة من المتاعب النفسية قيدتها فقالت مناجية ربها /بابا.. لامعني لحياتي بدونه.. ومن بؤرة أحزانها ثورة تجددت حين تراءى لها ثوبه يتأرجح في زاوية غرفته.. وساعة يده.. وهاتفه الصامت للأبد.. وخاتمه الفضي.. وقنينة عطره.. ونظارته.. وكل مايخصه متمثل أمامها..
أبي مضى وتركني أهيم في دنياي..
ويسترسل قلمها النازف في تدوين مشاعرها.. فالكتابة هي الصوت الجريء لمن يعجز عن بلورة المشاعر وترجمتها.. وتتخطى أقسى معاني الوجع عبر جسور الإيمان بمقادير الله..
وتزداد غصة حنينها حين سماع ترنيمة حزينة بصوت الناي الحزين / راشد الماجد :
يابوي دنيا بدونك مالها معنى..
أيامها سود والقشرا لياليها..
مالها معنى وانت مو معنا..
وش نبي بس فيها وانت موفيها..
نطلبك بأغلى عيالك لاتودعنا.. يابوي عين تحبك لاتخليها..
مالنا غيروصلك يامجمعنا..
وهكذا تسير بها الأيام.. ولازالت في ملحمة حزن مريرة لعل مقادير الله تجبر كسرها..
وهي في كل جمعة مباركة تهدي لوالدها أخلص الدعوات من قلب إبنة محبة!!!