إلهام الحازمي :مكة المكرمة :-
فتى يافعٌ ما شبَّ عن طوق الطفولة، يدفع العربة في حلقة الخضروات والفواكه . ويسوِّق لمهنته الشريفة ” عربية يا خالة”
ولو لم يُسبق لكان أفضل خيار ؛ أن أعزز من ثقته،وأدعم مشروعه، وأستعمله مطمئنة .
أتسوق بين البسطات – وقد غاب عنه الذهن المنشغل في عجلة الأمر وضيق الوقت.
ثم يصادفنا للمرة الثانية دون أن ينتبه – ربما- لتكرار العرض علينا
لكن العامل الوافد الذي يدفع عربتنا عرفه! فظن أننا سنستبدله به ؛ فدفع عربته بعربته ! فطار غضب الرجل (الطفل) في حمية متناهيه، وشجاعة فذة ، ورجولة لا تكاد تراها في كثير من أبناء سنِّه وجيله وفي لحظة مختزلة (دون إثارة ولا بلبلة ولا ألفاظ نابية) .
ثم انتفضت عروبته فقال: ( والله لولا البنت التي في العربة لرأيت ما أصنع! )
نعم هنا يُصنع الرجال ..
في ميادين الرجال ؛ تُصنع الرجولة، والمواقف، والشخصيات.
ومن دفع العربة والدفاع عن نفسه إلى أنواع الدفع والدفاع عن الدين والوطن، وقيادة الأجيال لمصاف التنافس و التقدم في كل ميدان .
الرجولة لا تُصنع بالترف، ولا بين أروقة الملاهي والمطاعم ، والتنافس في الألعاب
الالكترونية ،والاستهلاك في الملابس، والأجهزة، والحاجيات المختلفة ،ولا في الملاعب والحدائق والشوارع -وإن كانت بعض تلك ؛ روافد لصقل الشخصية ؛ ولكنها ليست المعوَّل .
الشاب الذي يفتتح معارفه للحياة وقد نزل إلى السوق؛ فباع واشترى وعمل وقايض وفاوض وسمع وردَّ ، ورأى صنوف التعاملات أمام ناظريه -وهو محصنٌ بتربية معتدلة تُقطعه جزءا يسيرا حسب عمره وحاجته وفراغه ليمتلأ من علوم الرجال- كما يقال- ليس كمن سكن البيت
،وأحيط بجهازه ، وأطلَّ على هُوَّات الفراغ؛ متخيلا نفسه بطلا لشيء لا بطولة فيه !
غامرا بصره ونفسه في قاعٍ يوشك أن يرفع بصره فيهتز ويختل ويسقط.
ولات نفعٌ يُرجى منه لنفسه ولا لمجتمعه !
أيها القارئ الكريم ..
إمَّا وجدت في بيتك فتى يافعا بدأت ملامح القوة تحيط جسده؛ فادفع به رويدا إلى ما يليق به، وماترجوه منه.
واعلم أن النتيجة مرهونة بالمقدمات.