محمد الرياني/صدى نيوز إس
كان يتمنى أن تفيق من سباتها بعد وعودها ، ذابت في جنة غربتها بعد أن كانت صامدة في جحيم التحدي ، ماذا أصابها في الغربة؟
لاجواب في عصر الأضواء والسرعة ، كانت الأوراق أرحم في سنوات الجفاف ، كانت أوراقها تأتي خضراء بأغصان دامية من روعتها ، ويأتي حبرها معطرًا معتقًا من زجاج الأصالة ، مضت أعوام كانت تعصر فيها حلو الكلام ، وتقطف أروع الابتسامات لتحيط بها الكلام ، ويحك ! ويح الغربة التي دفنت الأوراق في فصل الربيع ، لم تُبق للخريف أوراقًا كي تذبل أو تتساقط كأجساد المغامرين ، كل الرسائل انحبست في مكانها ، اختارت لنفسها تابوتًا دون الحاجة إلى الإقلاع إلى مكان آخر كي تستقر فيه جثتها ، قال لها في رسالة الوداع وهي في الغربة : هناك على الأرض فصول تتبدل ، تلبس فيه الغربة أثوابًا من الحزن تارة ومن الفرح تارة ولا تستسلم لمعطف الغربة ، توقَّعَ أن الرسالة استقرت في صندوق قلبها ؛ لكنها أعادت إليه الرسالة نفسها بلون آخر ، كان اللون رماديًّا باهتًا ، قالت : لقد انصرم العمر ، أعوامٌ مضت أشعلَها عود ثقاب واحد ، واختلطت رمادًا مع التراب ، وبقي في صندوق عيدان الكبريت عيدان أخرى لتزهق كل نبض ، يا للدهشة ! أغمض عينيه حتى ظن أنها لم تعد تستطيع العودة لترى شيئًا ، كانت كل التفاصيل أحلامًا بما فيها عيدان الإشعال .