الرئيسية مقالات تغيّر الزمان أم تغيّرت القلوب؟

تغيّر الزمان أم تغيّرت القلوب؟

23
0

 

الإعلامي/ خضران الزهراني

في زمنٍ كثر فيه التقدّم والتطوّر، وتسارعت فيه وتيرة الحياة، بدأنا نشهد تحوّلات عجيبة في منظومة القيم والعلاقات الإنسانية، وعلى رأسها العلاقة الأقدس: علاقة الأبناء بآبائهم وأمهاتهم. كم هو مؤلم أن نرى في هذا الزمان أبناءً ينكرون آباءهم، وبناتٍ يتنكرن لأمهاتهن، وكأنما الفضل قد مُحي من الذاكرة، وكأنما الحنان الذي سال دهوراً قد جفّ من العروق.

 

كم من أبٍ أفنى عمره في التربية والسعي لتأمين مستقبل أبنائه، ليجد في كِبره صمتاً بارداً أو جفاءً جارحاً؟ وكم من أمٍ سهرت الليالي وربّت وتحمّلت، ثم وجدت نفسها منبوذة أو منسية في زاوية بيت أو دار رعاية؟ أهو تغيّر الزمان فعلاً؟ أم تغيّرت القلوب، وتبدّلت النفوس، وتلوّثت الفطرة التي فُطرنا عليها؟

 

قد نُرجع الأسباب إلى انشغال الناس بالدنيا، وغلبة الماديات، وتغيّر مفاهيم التربية، وتأثير الإعلام الموجّه الذي يُشجّع على التمرد ويُقلّل من قيمة البرّ والاحترام. ولكن الحقيقة أن الإنسان، إن لم يكن له وازع داخلي من ضمير وإيمان، يضيع في هذا الزحام، ويخسر أعظم الروابط التي ميزه الله بها.

 

إنّ برّ الوالدين ليس خياراً، بل هو واجبٌ مقدّس، أمر الله به بعد توحيده، فقال: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”. والعقوق من أعظم الكبائر، لا يقلّ عن الشرك بالله في خطره وعواقبه.

 

فلنراجع أنفسنا، ولنعد إلى الفطرة النقية، ولنُعلّم أبناءنا أن البرّ ليس مجرّد سلوك، بل هو دين، وهو استثمار في الدنيا والآخرة. علّنا بذلك نعيد للحياة بعض دفئها، وللقلب بعض وفائه.