الرئيسية محلية فرسان: الجمال الساحر وعروسة الحريد التي تأسر القلوب

فرسان: الجمال الساحر وعروسة الحريد التي تأسر القلوب

139
0

 

ياسر الحلوي – جازان

في قلب البحر الأحمر المتلألئ، حيث تتناثر الجزر كحبات لؤلؤ، تتربع فرسان شامخة بجمالها الأخاذ وسحرها الفريد. هذه البقعة السعودية الساحرة ليست مجرد أرخبيل من الجزر، بل هي لوحة فنية رسمتها الطبيعة بألوان زاهية، وتغنت بها الرياح همسات عذبة. فرسان، بتاريخها العريق وتراثها الغني، تأسر الزائر بصفائها وهدوئها، وتقدم له تجربة لا تُنسى بين أحضان طبيعتها البكر.

ولكن، لفرسان حكاية أخرى تزيد من جاذبيتها وتجعلها محط أنظار الكثيرين، ألا وهي حكاية “الحريد”. هذا السمك الفريد، الذي يشتهر بجماله وألوانه الزاهية، يعتبر بمثابة “عروس” فرسان التي تتزين بها مياهها في موسم محدد من كل عام. فمع بداية فصل الربيع، تشهد شواطئ فرسان توافد أسراب هائلة من سمك الحريد، بألوانه الحمراء والصفراء والزرقاء المتداخلة، في مشهد طبيعي خلاب يأسر الألباب.

هذا التجمع المهيب للحريد ليس مجرد ظاهرة بيولوجية، بل هو حدث اجتماعي واقتصادي وثقافي هام لأهالي فرسان. يتحول الموسم إلى احتفالية بحرية، حيث يخرج الصيادون بقلوب مبتهجة وشباك ماهرة لاصطياد هذه الثروة القيمة. يمثل الحريد مصدر رزق أساسي للكثير من الأسر الفرسانية، وتنتعش الأسواق المحلية بحركته التجارية.

ولم يقتصر الأمر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تجاوز ليصبح جزءًا أصيلًا من ثقافة فرسان. تتناقل الأجيال حكايات الصيد وتقاليده، وتتزين الموائد بأشهى أطباق الحريد المعدة بطرق تقليدية تعكس مهارة أهل الجزيرة في فن الطهي. يصبح الحريد رمزًا للكرم والجود، وعنصرًا أساسيًا في المناسبات والاحتفالات.

إن موسم الحريد في فرسان يمثل تجسيدًا حيًا للتناغم بين الإنسان والطبيعة. ففي الوقت الذي يستفيد فيه الأهالي من هذه النعمة البحرية، يحرصون في الوقت ذاته على استدامة هذه الثروة والحفاظ على البيئة البحرية نظيفة وصحية للأجيال القادمة.

فرسان ليست مجرد وجهة سياحية بجمال طبيعي خلاب، بل هي قصة عشق بين الأرض والبحر، وبين الإنسان وثروات الطبيعة. وعروسها “الحريد” تزيد من هذا العشق وهجًا وبريقًا، لتجعل من زيارة هذه الجزر تجربة ساحرة لا تُنسى، تبقى ذكراها عالقة في الذاكرة كألوان الحريد الزاهية التي تضيء مياه البحر الأحمر. فإذا سنحت لك الفرصة، لا تتردد في زيارة فرسان في موسم الحريد، لتشاهد بنفسك هذا الجمال الساحر وتستمتع بكرم أهله وحفاوة استقبالهم.