حاوره لصدى نيوز اس _ كمال فليج
مساؤكم شعر وألق، نلتقي اليوم مع شاعر أحب الكلمة فبادلته الحب، وجعل من قصائده مساحة للبوح والصدق والجمال. نرحّب بضيفنا ابن مدينة المدية العريقة شاعر التيطري سليمان قاصد، ونشكره على حضوره بيننا ليشاركنا رحلته مع الشعر، وما تخبئه القصيدة من أسرار الروح وإشراقات الوجدان.”
متى بدأت علاقتك الأولى بالشعر؟
الشاعر سليمان قاصد : بدايتي مع الشعر كانت مذ نعومة أظافري
كانت البداية مع رسائل غزل أكتبها للأصدقاء كي يرسلوها لحبيباتهم مقابل علبة سجائر أو علبة شيكولاطة كم أحن لتلك الأيام
ثم بدأت كتابة الخاطرة لاحقا زرت معرض الكتاب رفقة زوج خالتي و اشترى لي مجموعة من الكتب أهمها كتاب دمعة وابتسامة لجبران خليل جبران والذي يعد مدرستي الأولى .
هل تتذكر أول قصيدة كتبتها؟ وما كانت مناسبتها؟
الشاعر سليمان قاصد : أول قصيدة كتبتها ونشرتها بالجريدة كانت عودة سرب الحمام من بيروت ورسائل المطر ما ازال احتفظ بالنسخة الورقية رغم مرور اكثر من عقدين ونصف على نشرها واتذكر الرسائل التي وصلتني من معجبين بما كتبت وهو ما شجعني على المضي بالكتابة و اخص هنا بالذكر سعيد طراري صديق شجعني عبر المراسلة فزرع في شراييني حب الكتابة وقداستها
من كان الداعم الأول لك في مسيرتك الشعرية؟
الشاعر سليمان قاصد : أسباب كثيرة شجعتني على الكتابة والخوض للاحترافية فيها و أخذها على محمل الجد كما سبق و أن قلت بعض المعجبين والذين كانوا يراسلوا الجريدة للحصول على عنواني لأجل مراسلتي لتكون لي الفرصة بالانضمام لنادي الأدبي في جريدة بانوراما
وموقع الليل الذي كنا ننشر فيه ما تبوح به قريحتنا رفقة شباب من دول عربية مختلفة تقاسمنا الأحلام والرؤى
إضافة الى انخراطي بالعديد من الجمعيات التي تعنى الأدب كالجاحظية ومؤسسة فنون وثقافة واحتكاكي بالنخبة من الشعراء البارزين بالساحة .
لكن يبقى الداعم الأول لي هي أحلام اليقظة التي كنت وما أزال اعيش في عوالمها وخيالها وساعدتني كثيرا في تليين الحرف ونسيجه كما اشتهي .
ما الذي يلهمك أكثر عند الكتابة: الواقع، الخيال، أم التجربة الشخصية؟
الشاعر سليمان قاصد : التجربة والممارسة علماني أن امزج واقعي بالخيال بالتجربة عرفت بالساحة الأدبية بشاعر الأميرة التي كانت لها تقريبا جل كتاباتي وظلت سري الذي لم أبح به لأحد من تكون.
تارة كانت وطن أو حبيبة او إبنة . واشتغلت على أن تكون قصائدي بحسب نفسية القارئ وتركت له المجال لوضعها على حسب نفسيته و الصورة التي يحب أن يراها عليها . وقد تأترث بقول نزار قباني أنا أكتب لكل مواطن عربي فإن نقص واحد فإني قصرت .
كيف تولد الفكرة الشعرية لديك؟
الشاعر سليمان قاصد : الفكرة أو القصيدة كالغيث لا وقت لها للنزول متى جاءت دونتها وعلى أي شيء كان بيدي والا ضاعت مني و أصدقك القول أن القصيدة هي من تكتبني وربما هذا كان السبب بنجاح قصائدي
هل تكتب القصيدة دفعة واحدة أم على مراحل؟
الشاعر سليمان قاصد : القصيدة صبية بداخلي مدللة إن لم أكتبها بساعتها قد تغضب مني وتأبى الخروج والكثير من القصائد ما تزال سجينة العقل والقلب لليوم تأبى الخروج رغم توسلي لها لكنها عنيدة ومدللة
ما اللغة أو الصورة الشعرية التي تراها الأقرب إلى روحك؟
الشاعر سليمان قاصد : اللغة تبقى لغة بشتى مجالات الكتابة والتي تتغير بتغير الأزمنة فلغة الجاهلية ليست نفسها لغة العصر العباسي أو العصر الأندلسي وصولا لعصرنا هذا لكن الشعر بصفة عامة والشعر العمودي بصفة خاصة بقي محافظ على صورته الأولى وقالبه في البحور والقوافي ولأني ابن زمني اخترت طريق القصيدة النثرية ربما الأمر يرجع لتأثري بالمدارس التي تخرجت منها وتركت أثر كبير في نفسيتي المدرسة الجبرانية و المدرسة النزارية وكذا المدرسة الدرويشية فأسست مدرستي الخاصة و أسلوبي الخاص بي .
وكان حلمي أن أكون أحد رواد القصيدة النثرية
كيف ترى دور الشعر في التعبير عن قضايا المجتمع؟
الشاعر سليمان قاصد : الشعر يبقى على مر كل الأزمنة المحرك رقم واحد للوعي الشعوب وتحريكها لكن على الشاعر مراعاة نمط الزمن الذي يعيش فيه
وخصائصه فمثلا نحن الأن بزمن القصيدة الالكترونية والتي روجت وفتحت المجال امام الكثير من الشعراء الشباب وان كان مستواهم ضعيف ليحتلوا الصدارة ويغيب شعراء لهم شعر جيد ومهم لكنهم لم يعرفوا كيف يروجوا له فغيبوا في أدراج ورفوف المكاتب هذا ان وجودوا سبيلا للطباعة
وعمليا ما يزال عندنا بالجزائر المعرض الدولي للكتاب الأكثر إقبالا من عدد الزوار .
برأيك، هل لا يزال الشعر مؤثرًا في عصر التكنولوجيا والإعلام الرقمي؟
الشاعر سليمان قاصد : حسب رأيي أن الشعر هو أحد أدوات هاته التكنولوجيا والتي تخدمها
أكثر من أي شيء اخر خصوصا ان عرف الشاعر كيف يوظف كتاباته عليها والأمر شبيه بالصحافة المكتوبة منذ زمن لم اشاهد إنسان يحمل جريدة ورقية رغم ان الجميع يحب قراءة الجريدة لكن على هاتفه او جهازه الكمبيوتر
إلى أي حد يعكس شعرك هويتك الثقافية والوطنية؟
الشاعر سليمان قاصد : كإنسان حقيقي يتوجب علي حمل الأمانة هويتي الثقافية و الوطنية
كجزائري يعشق وطنه ويفتخر أنه ينتمي إليه يتحتم علي حمله في دمي وشعري واينما حللت إن غيبت هويتي فحتما أني سأغيب معها ولا وجود لي .
من هم الشعراء الذين تأثرت بهم في بداياتك؟
الشاعر سليمان قاصد : الشعراء الذين تركو بصمة كبيرة في شخصيتي واعتبرهم مدارس تخرجت منها ثلاثة . جبران خليل جبران علمني حب الطبيعة والاشياء والحديث معها كأنها كائن حي يفهمني و أفهمه بالحديث
نزار قباني الذي علمني معرفة الجانب الذي يرتاح اليه القارئ لأكتب له عليه و أنقل له ما أحب نقله من رسائل
كما علمني صهر الأفكار ومزجها بفكرة واحدة حتى و ان اختلفت وتعارضت مع بعضها وتطورت التجربة بالمدرسة الدرويشة
حينما تقرأ بعض النصوص الخالدة لهاته الأسماء تحس أنك تقرأ من عالم أخرى غير التي نعيشها وهنا أخص بالذكر جدارية درويش والتي هي أعظم ما كتب عن البشرية رغم انها لم تلقى الأهتمام والدراسة التي تفيها حقها وتهرب الناقدين والباحثين في الغوص فيها .
ربما اقول بكل غرور أني من القلة التي إستطاعت فك رموز الشفرة السرية لهاته المدارس الثلاث .
هل تميل أكثر إلى الشعر الكلاسيكي أم الحديث؟ ولماذا؟
الشاعر سليمان قاصد : الصراحة ومع إحترامي للقصيدة العمودية والتي تبقى أساس الشعر
لكني أفضل القصيدة النثرية لانها تمثل حريتي كوني احب الطيور خصوصا الحمام منه احب ان احلق بسماء الكتابة حرا رغم القيود التي تفرض كالاخلاق والقيم والدين والهوية غير هذا افضل التحرر من القيود حتى ولو كانت اسال الكتابة .
أي كتاب أو ديوان ترك في نفسك أثرًا عميقًا؟
الشاعر سليمان قاصد : هي مجموعة كتب أولها كتاب الله القرآن الكريم واللغة الفريدة التي جاء بها الينا فتجعلك تجاريها في الكتابة وتتبع أسلوبها المميز
وثاني كتاب دمعة وابتسامة لجبران خليل جبران
وايضا احد الروايات العالمية ساحرة الفضاء
هل هناك لحظة شعرت فيها أنك ولدت من جديد من خلال قصيدة كتبتها؟
نعم بهاته السنة أحسست أني ولدت من جديد خصوصا بعد الفترة الصعبة التي اجزتها لسنوات كانت قاسية جدا علي ونخرت مني العظم أحسست معها بالموت فعليا بكل ما تحمله الكلمة من معنى
لكني عدت للحياة مجددا بفضل من الله و هدية منه تمثلت في سيدة أعادة لي الحياة والثقة و أنا مدين لها بروحي قبل حياتي
وهذا ما جعلني أعود للمقاعد الدراسة لكتابة الرسائل واخترت لها ان تكون رسائل خاصة تحت عنوان رسائل الحمام المقيد
هي لها وحدها ولها حق نشرها للقارئ لكن حرفي لن يكتب لغيرها بعد الأن ومن هذا المنبر أقول لها يا صاحبة السمو حرفي لك وحدك .
كيف توفق بين حياتك اليومية وطقوسك الشعرية؟
الشاعر سليمان قاصد : هناك المهم و هناك الأهم بحياتنا المهم حياتي وأسرتي وعملي خصوصا والدتي حميدة و أولادي نزار وبلقيس الذي يتوجب علي رعايتهم ومنحهم وقتي الأكبر
أما الكتابة فهي الأهم لاني أحلم بالخلود فيها كما يقول درويش هزمتك كل الفنون يا موت سأحاول تخليد إسمي مع العظماء ولو بسرقة الساعات من يومياتي
ماذا يعني لك أن تكون “شاعرًا” في زمننا هذا؟
الشاعر سليمان قاصد : ان تتحمل نظرة الناس اليك و كأنك مجنون يهذي في الطرقات عليك الصر على سؤالهم ما تجنيه من الشعر هل يضمن لك أموال أو جواز سفر في المجتمع .
ما المشروع أو الديوان الذي تعمل عليه حاليًا؟
الشاعر سليمان قاصد : حاليا أنا اشتغل على رسائل الحمام المقيد والذي أراه أهم من كل الأعمال السابقة والمخطوطات التي هي سجينة الدرج في مكتبتي
مخطوط أميرة على العرش السليماني ورواية رحلة حب في قارب الموت و مجموعة قصصية هستيريا مجنون
لكني حاليا اركز على الرسائل دون سواها والتي نشرت بعض من نصوصها على صفحاتكم
هل لديك حلم شعري لم يتحقق بعد؟
الشاعر سليمان قاصد : لا أخفي عليك الحلم الذي طالما راودني وما يزال يراودني هو أميرة طالما رافقت جل نصوصي السابقة لكن هذا الربيع تحقق حلمها وطرقت بابي ووقفت بواقعي و وانا سعيد اني اتبعت خطاها قبل مجيئها وفخور اني ساتبع خطاها بعد أن عثرت عليها
كلمة أخيرة لقرائك ومحبيك
الشاعر سليمان قاصد : كلمتي الأخيرة فضلت أن تكون مقطع لنزار قباني من قصيدة ورقة الى قارئ
فيا قارئي …يا رفيق الطريق
أنا الشفتان وأنت الصدى
سألتك بالله …كن ناعماً
أذا ما ضممت حروفي غدا
تذكر ..وأنت تمر عليها
عذاب الحروف لكي توجدا
سأرتاح لم يكن معنى وجودي
فضولاً…ولا كان عمري سدا
فما مات من في الزمان
أحب ولا مات من غردا
وفي الأخير محبتي وإحترامي لمن مر على حرفي ووقف عنده … سلامي للكل قارئ عربي من الخليج الى المحيط
في ختام هذا اللقاء الجميل مع الشاعر سليمان قاصد ، لا يسعنا إلا أن نشكره على ما أتحفنا به من بوح صادق وإبداع شعري راقٍ، منحنا لحظات من التأمل والسفر بين عوالم الكلمة.
نتمنى له دوام التألق والعطاء، وأن تظل قصائده منبراً للجمال ومرآة للروح الإنسانية. شكراً جزيلاً لك شاعرنا العزيز، وشكراً لكل من رافقنا في هذه الرحلة الأدبية.







