حاورها : كمال فليج
في زمنٍ تتسارع فيه الوتيرة وتبهت فيه المعاني، تظل القصيدة عند الشاعرة سلوى المناعي وطنًا يتّسع للروح، ومرفأً يلتقي فيه الحرف بالحنين.
هي شاعرة تونسية تكتب من نبضها، وتسكب في الشعر بعضًا من روحها، مؤمنة أن القصيدة ليست زخرفًا لغويًا بل كائن حيّ يتنفس من وجدان الشاعر ويمنحه معنى جديدًا للحياة.
بين الذات والوطن، بين الوجع والحلم، تمضي سلوى المناعي في دروب الشعر بخطى واثقة، تكتب لتُعيد ترتيب الفوضى الداخلية، وتغزل من الضوء قصائد تسكن الذاكرة.
في هذا الحوار، تفتح لنا قلبها لتحدثنا عن بداياتها، عن أنوثة القصيدة، وعن علاقتها بالحرف الذي صار بيتها الأول والأخير.
- متى بدأتِ تكتشفين أن فيكِ شاعرة تسكن الحرف وتتنفس من بين السطور؟
الشاعرة سلوى مناعي قبل ان أبدأ بالإجابة على الأسئلة أود أن اقدم خالص شكري وتقديري لكم على هذه الاستضافة
من طفولتي وأنا اميل للشعر وأحبه وفي الثانوية بدأت أهنهن واكتب ولكن غير مكتمل الفكرة ومع الوقت بدأت اكتب اجمل وتستطيع القول أنني وأنا في المعهد بدأت اعترف بنفسي كشاعرة
- هل تتذكرين أول قصيدة كتبتِها؟ وكيف كان وقعها عليكِ حين خرجت من بين أناملك كولادة أولى للبوح؟
الشاعرة سلوى مناعي أول قصيدة كتبتها كانت عن نفسي وكانت بداية غير مرتبه أصلا وكنت احاول ان اخفيها عن الكل الا صديقتي التي اعتبرتها جميله لأنها تحبني
- من أين تستمدين شعرك؟ من الذات، من الذاكرة، أم من الوطن الذي يسكنكِ رغم المسافات؟
الشاعرة سلوى مناعي شعري استمده من ذاتي التي كانت تدفعني ومن حبي للشعر ومن وطني الذين يعج والأدباء
- تونس بلد الشعراء والنور… كيف أثّرت البيئة التونسية في تكوين حسّكِ الجمالي وصوتكِ الشعري؟
الشاعرة سلوى مناعي تونس الخضراء حاضنة الأدب فلا أشك أن لها الفضل الكبير فيَّ وفي ما اكتبه
- يقال إن القصيدة أنثى بطبعها، فهل تشعرين أنكِ تكتبينها أم هي التي تكتبك؟
الشاعرة سلوى مناعي القصيدة اكتبها وتكتبني بل أحيانا أجد كأن الحبيب هو من يكتبنا معا كما عبر عن ذلك الشاعر اليمني فيصل النائب الهاشمي بقصيدته الشهيرة حين يكتبني الحنين تسابقني الحروف إليك شعرا فأكتبها كأنك تكتبيني
- ما الفرق بين أن تكتب المرأة عن نفسها وأن تُكتب من قِبَل الآخر؟ وهل تغيّر المرأة وجه القصيدة؟
الشاعرة سلوى مناعي حين تكتب المرأة عن نفسها تمنح القصيدة روحا أكثر صدقًا وجرأة
- في زمن التشتت والسرعة، ما معنى الشعر اليوم بالنسبة لكِ؟ وهل ما زال للحرف مكان في زمن الصورة؟
الشاعرة سلوى مناعي الشعر اليوم هو لحظة تأمل وسط الضجيج والحرف لا يزال حيا رغم الصورة المنكسرة له ولم يعد كما كان سابقا لكن الحرف لايموت
- إلى أي مدى يمكن للشعر أن يكون فعل مقاومة أو وسيلة شفاء للروح في مواجهة قسوة الواقع؟
الشاعرة سلوى مناعي الشعر قادر على تضميد الجراح ومواجهة القسوة بكلمة تنبض بالأمل حين يكون في وقته وموقعه المناسبين
- يتحدث الكثيرون عن قصيدة النثر، وعن الحداثة الشعرية… كيف تنظرين إلى هذا التحول؟
هل هو اتساع لفضاء الشعر أم غياب لعموده؟
الشاعرة سلوى مناعي قصيدة النثر توسّع فضاء الشعر لكنها تتطلب حسا شعريا عميقا ليبقى الجوهر في الشعر
- وسائل التواصل الاجتماعي جعلت القصيدة في متناول الجميع… هل أفاد ذلك الشعر أم أضعف قيمته الجمالية؟
الشاعرة سلوى مناعي وسائل التواصل قرّبت الشعر من الناس وأوصلت شعراء لجمهور ماكان سيصل إليهم
- في تجربتكِ، أين يلتقي الحب بالوطن؟ وهل يمكن أن يكونا وجهين لقصيدة واحدة؟
الشاعرة سلوى مناعي الحب والوطن يلتقيان حين ينبض القلب بحنين الأرض وعشق الإنسان ولاشك أنهما وجهان لقصيدة رائعة
- هل تجدين نفسك في العزلة أم في ضجيج الحياة؟ وأين تولد قصيدتك عادة؟
الشاعرة سلوى مناعي أجد نفسي في العزلة كما اجد نفسي في الضجيج ولكن القصيدة تولد بهدوء وصدق في العزلة
- ما النص الذي يعبّر عنك أكثر من غيره؟ ولماذا؟
الشاعرة سلوى مناعي النص الذي يعبر عني هو كل ما كتبته من الذات لأنه يحملني بين سطوره
- النقد… هل تعتبرينه مرآة تصقل التجربة أم سيفًا يجرحها؟
الشاعرة سلوى مناعي النقد مرآة حين يكون نزيهاً وسيف حين يُستخدم بلا فهم أو رحمة فالنقد يبين المحاسن والمساوئ والبعض يفهمه انه استخراج المساوئ فقط
- ما الذي تحلمين أن يقال يومًا عن شعرك؟
الشاعرة سلوى مناعي أحلم أن يُقال إن شعري لامس الأرواح وترك أثراً جميلاً وانتج وعياً
- وأخيرًا، ما رسالتكِ إلى الجيل الشاب من الشعراء في تونس والعالم العربي؟
الشاعرة سلوى مناعي رسالتي للشباب: اكتبوا بصدق فالشعر لا يعيش إلا في قلب الحقيقة وشكرا لكم على استضافتكم لي مع خالص مودتي وتقديري لصحيفتكم الغراء ولك استاذنا الراقي والمحترم
ختاما هذه هي سلوى مناعي كما القصيدة التي لا تنتهي عند آخر بيت، بل تبدأ بعده حكاية جديدة.
في كل كلمةٍ تكتبها تنبعث الحياة، وفي كل نصٍّ تفتح نافذةً نحو النور.
هي تؤمن أن الشعر لا يُكتب ليُقال، بل ليُشعر، وأن القصيدة الحقيقية هي التي تسكن القلوب لا الصفحات.
سلوى مناعي…ياسمين قرطاج صوتٌ شعريّ رقيق وقوي في آن، يثبت أن الشعر ما زال قادرًا على أن يكون وطنًا نقيًا للروح.







