✍️ بقلم: الإعلامي خضران الزهراني
تأملتُ مليًّا في واقع الساحة الإعلامية، فرأيتُ فيها ملامح التنافس المذموم، ونفوسًا أرهقها حب الظهور، ووجوهًا تبتسم في العلن وتُخفي خلفها غيرةً مقيتة، وكأن الإعلام تحوّل من رسالةٍ سامية إلى ميدان صراعٍ شخصي، ومن منصة عطاء إلى ساحة أنانية.
مؤلمٌ أن ترى إعلاميين يجتمعون لهدفٍ واحد، ثم تفرّقهم المصالح الشخصية، ويهزمهم السعي نحو الأضواء، حتى يغيب الهدف وتضيع الرسالة. والأشدّ ألمًا أن ترى من يُنكر الفضل، ويتجاهل زملاءه الذين كانوا سندًا له بالأمس، ليُقصيهم اليوم بدافع الغيرة لا بدافع التطوير.
إن من يبحث عن النجاح عبر إطفاء نور غيره، لن يزداد إلا ظلمةً في نفسه؛ فالنور لا يُطفئه الحسد، والمجد لا يُسرق، بل يُصنع بالصبر، ويُروى بالإخلاص، ويزهر بالنية الطيبة.
ومن المؤسف أن بعض المصورين والإعلاميين يضعون شعاراتهم على الصور والمقاطع ليمنعوا الآخرين من الاستفادة منها، وكأنها ملكٌ شخصي لا عملٌ جماعي يخدم المجتمع. هذا الفعل لا يليق برجال الإعلام، ولا يعكس روح التعاون، بل يخالف الأنظمة واللوائح الإعلامية التي تؤكد على أهمية التكامل بين العاملين في هذا الميدان النبيل.
الإعلام ليس حلبة فردية، بل رسالة جماعية تُبنى على الثقة والتعاون والاحترام. وهو ميدان يُكرّم المخلصين، لا الباحثين عن الأضواء الزائفة.
وأعظم ما يُميز الإعلامي الحقيقي هو الخلق الرفيع والصبر الجميل؛ بهما يُعرف قدره، ويُقاس عطاؤه، وتُخلّد بصمته في ذاكرة الناس قبل الكاميرات والعدسات.
أيها الإعلامي الحقيقي، كن قدوةً في أخلاقك قبل صورتك، وفي فعلك قبل كلماتك. كن ظلاً وارفًا يَستظل به من حولك، لا شوكةً تعيق طريق زملائك. دع أعمالك تتحدث عنك، ولا تجعل من الغيرة وقودًا يحرق علاقاتك ومهنيتك.
تذكّر أن الكلمة أمانة، والصورة مسؤولية، والرسالة شرفٌ لا يُمنح إلا لمن صانها وارتقى بها.
هكذا نصنع إعلامًا نقيًا، وبيئةً مهنية راقية تُكرّم التعاون وتُقدّر الجهود، وتُثمر قلوبًا بيضاء لا تعرف الغلّ ولا الحسد، بل تؤمن أن المجد الحقيقي هو أن تترك أثرًا جميلاً في كل مكان تمرّ به عدستك أو يخطّه قلمك.
فالإعلام شرف، والأخلاق عنوانه، ومن فقد الأخلاق فقد رسالته.
🖋️ الإعلامي / خضران الزهراني






